كل من يعرف تاريخ جدة الحضاري والتجاري ويعرف حجم رجال الأعمال فيها، يستغرب أن تبقى"العروس"على علاّتها عقوداً وعقوداً، بلا أي تغيير يذكر في بنيتها التحتية، ولا أي تقدم جذري في وجهتها السياحية تتناسب مع الحجم التجاري والاجتماعي لرجالاتها! لا أريد أن أستمر مثل الكثير من الكتاب الذين أسهموا للأسف في وضع الغشاوة على أعين الناس واستمروا بتضخيم بعض المهرجانات الموسمية فيها، التي لا تقدم ولا تؤخر في وضع حلول جذرية لمشكلات هذه المدينة الأزلية التي أخرتها عن ركب المدن السياحية الواقعة على ساحل البحر الأحمر في الدول الأخرى، على الأقل في ما يخص بنيتها التحية، والنمو العمراني السياحي على سواحلها، ما عدا بعض المباني المتهالكة التي يطلق على بعضها كلمة"منتجع"، مع"استثنائي"لبعض المنتجعات الجيدة المعدودة على أصابع اليد. وسأتكلم بصراحة قد يفرح لها الحريصون وينزعج منها عشاق"المقاعد". فلو أخذ أي منكم - أيها الأعزاء - جولة بسيارته في منطقة أبحر التي من المفروض أنها من أهم المناطق السياحية، بل هي من أخصب الأراضي للاستثمار السياحي في المملكة، سيجد عشرات الأراضي المهجورة والمسورة على شاطئ"خور جدة"، الذي لا أشبهه من الناحية الجغرافية إلا ب"خور دبي"! ولكن الفرق بين الخورين كبير! فخور دبي الذي أصبح من أكبر وأشهر المعالم السياحية على وجه الأرض، المحاط بالأبراج والبنايات والصروح والميادين السياحية، يقابله خور أبحر في جدة الذي تترامى على ضفتيه الأراضي المهجورة من كل شيء، إلا من أسراب الجرذان و"زبالة"الجيران. تستغرب - وأنت ترى مثل هذه المناظر، في مدينة مثل جدة! بل تتساءل: إذا لم يكن لأهل هذه المدينة العريقة أناس يغارون على مظهرها وسمعتها... أليس لدى مسؤولي السياحة في بلدنا الكبير إحساس بالمسؤولية تجاه عروس البحر الأحمر؟ أي عروس هي تلك التي تفوح في كورنيشها رائحة الصرف الصحي، لدرجة جعلت طيور البحر تهاجر إلى شواطئ مصر والسودان الشقيقتين بغير رجعة، لتحل محلها أسراب الغربان التي ترحب بكل قبيح. هل يكفي أن يتم الإعلان عن حملات قتل الفئران والغربان على شواطئ جدة، وعن حملات قيام بعض الهواة بالغوص في سواحلها لتنظيفها من قمامة المرتادين لتحل مشكلات جدة؟ أم أن مشكلاتها الموجودة منذ أكثر من 30 سنة ما زالت كما هي بل هي في حال أردأ؟ نحن أناس نغش أنفسنا عندما نطلق على جدة لقب:"جدة غير"، إذ إن هذا اللقب معكوس في نظري، فلو صدقْنا قليلاً مع أنفسنا، لأطلقنا على جدة لقب"غير جدة"، إذ إن الكثيرين بدأوا بالبحث عن بديل عن هذه العروس، التي أصبحت عانساً في فستان عرس بالٍ. التحدي الذي يواجهه أمير منطقة مكةالمكرمة في ما يخص مشكلات جدة الأزلية هو تحدٍ كبير، ولكن خالد الفيصل عشق"العسير"... وأراه جاء لعسير أخرى، ولكنه ابن الفيصل، وهو"قدها وقدود"، وما بدأ به الأمير الراحل عبدالمجيد - رحمه الله - أراه سيكتمل على يديك أيها الأمير المحبوب. وفقك الله. [email protected]