ارتفعت أسعار الأعلاف في محافظتي وادي الدواسر والسليل بشكل كبير، بات يهدد سوق المواشي. ملاك المواشي طالبوا الجهات الحكومية المختصة بالقضاء على ما سموه"سوقاً سوداء"تديرها مجموعة من الوافدين، الذين أحكموا قبضتهم عليه بدعم من بعض التجار المستفيدين على حد قول الملاك أنفسهم، وهو ما قد يجبر عدداً منهم على الاستغناء عن ثروته الحيوانية، لعدم قدرته على تأمين العلف لها. مواطنون عدة من مرتادي سوق الأعلاف، أكدوا ل"الحياة"أن المتحكمين في السوق رفعوا أسعار الأعلاف بما يقارب 50 في المئة من أسعارها الحقيقية، مستغلين كون سوق الأعلاف في المحافظة من أكبر الأسواق في السعودية. وأجبرت قلة المعروض من الشعير في مقابل الطلب الكبير عليه، لكونه الغذاء الرئيسي للماشية، كثيراً من ملاكها على الإقبال على أنواع أخرى من الأعلاف، كالبرسيم والتبن، الأمر الذي استغله أيضاً تجار الأعلاف لرفع أسعارها، إذ بلغ سعر ربطة البرسيم 18 ريالاً بعد أن كانت تباع سابقاً ب 12 ريالاً، وارتفع سعر كيس الذرة من 10 ريالات إلى 15 ريالاً، في حين ارتفع سعر ربطة التبن 6 ريالات لتباع ب 11 ريالاً. أسواق الأعلاف في المحافظتين باتت خاوية من الشعير والشوار، إذ إن ما يرد إلى المنطقة من شحنات لهذين النوعين لا يفي بحاجة السوق، ونظراً للإقبال الكبير على الشعير والنخال ونقص المعروض، وصل سعر كيس الشعير إلى 55 ريالاً، في الوقت الذي تجاوز سعر كيس النخالة 40 ريالاً. ووجه مربو الماشية الذين التقتهم"الحياة"خلال جولتها في السوق، نداءً إلى المسؤولين بالتدخل للحد من الارتفاع الذي وصفوه ب"الخيالي"في أسعار الأعلاف بأنواعها، للحفاظ على الثروة الحيوانية في المنطقة. ولم يفتأ المواطن محمد القعيط يتردد على السوق لثلاثة أيام متتالية، لم يتمكن خلالها من الحصول على كيس واحد من النخالة، ويقول:"نعاني نحن أصحاب الماشية من أزمة حقيقية بسبب نقص الشوار والشعير، نظراً لعدم تمكننا من الحصول عليه، إذ إن بعض الوافدين سيطروا على حركة البيع والشراء في السوق، إذ يقومون بشرائه من الصوامع بالتسعيرة الرسمية وهي 15 ريالاً، ويبيعونه لنا ب 40 ريالاً للكيس الواحد، وينطبق الأمر كذلك على الشعير، الذي نشتريه منهم ب 55 ريالاً للكيس، في الوقت الذي لا تصل كلفته عليهم أكثر من 30 ريالاً". وتساءل القعيط:"أين الرقابة على السوق؟ الأسعار ارتفعت بشكل خيالي، وهذا مخالف للتعليمات الأخيرة بشأن تسعيرة الأعلاف!"، مشيراً إلى أن السوق تشهد يومياً مشادات كلامية ومشاحنات بين المواطنين والباعة في السوق، بشأن ارتفاع الأسعار". ويوضح حمود فهد الدوسري أنه يفكر جدياً في بيع جميع ما يملك من إبل وغنم، مرجعاً ذلك للأوضاع التي وصفها بأنها لا تساعده على تربيتها في ظل الغلاء الفاحش الحاصل حالياً للأعلاف، مؤكداً أن أصحاب الماشية يتعرضون خلال الوضع الحالي لخسائر فادحة. ويفكر زايف بن سعد الذي قدم من صحراء شمال وادي الدواسر هو الآخر في بيع ماشيته، التي تعتبر مصدر رزقه، لعدم استطاعته توفير الأعلاف لها بهذه الأسعار المرتفعة والعالية. ويقول محمد فهيد أحد مربي الماشية:"لدي 150 رأساً من الأغنام، وأنا أفكر حالياً في بيعها، نظراً للارتفاع الكبير في أسعار الشعير والأعلاف الأخرى". ويضيف:"لا نستطيع الاستغناء عن الأعلاف حتى ولو ليوم واحد لعدم وجود بديل، فالأرض جرداء ولا يوجد فيها كلأ يساعدنا على الاستغناء عن الأعلاف لبعض الوقت". وأكد حديث الأشخاص السابقين المواطن سهل سلطان مربي ماشية، إذ يقول:"ارتفاع أسعار الشعير والأعلاف هذه الأيام جعل الكثير من مربي الماشية يفكرون في بيع أغنامهم، لكونهم غير قادرين على توفير الأعلاف لها بهذه الأسعار الكبيرة"، موضحاً أن الخروف الواحد يستهلك ما لا يقل عن كيس من الشعير إلى جانب بعض أنواع الأعلاف الأخرى كالبرسيم الذي يخلط معه. ارتفاع الأسعار في السوق أدى إلى نشوء"سوق سوداء"، يديرها مجموعة من الوافدين، الذين يقومون بجذب شحنات الشعير إلى خارج السوق، يجعل من انتظار المصطفين في طوابير الانتظار منذ ساعات الفجر الأولى للحصول على بضعة أكياس من الشعير والنخالة، حلماً بعيد المنال. من جهتهم، طالب متعاملون كثر في سوق الأعلاف بمعالجة الأزمة الحالية بسرعة، بإيجاد حلول بديلة، وتوعية مربي المواشي بإيجاد البدائل الممكنة من الأعلاف المتوافرة في السوق، وتعويضها عن الشعير، محذرين من خطر إصابة مواشيهم بسوء التغذية، الذي قد يعرضها للهلاك. من ناحية أخرى، وضعت"الحياة"معاناة ملاك ومربي الماشية على طاولة عضو مكافحة الغش التجاري، مدير قسم صحة البيئة في بلدية وادي الدواسر فهد سعيد العثمان، الذي اكتفى بالقول:"هناك متابعة يومية للأسواق، ومراقبة لحركة البيع والشراء، ومحاسبة من يتعدى على الأسعار المقررة".