توقّع خبير متخصص في قطاع التأمين أن تواجه شركات التأمين السعودية خلال الأعوام الثلاثة المقبلة عدداً كبيراً من المشكلات والعقبات، ما قد يتسبب في انسحاب بعضها من السوق، أو اندماج بعضها معاً، ولن تبقى إلا الشركات الكبيرة التي تمتلك استراتيجيات عمل طويلة المدى. وقال رئيس مجلس ادارة الشركة التعاونية للاستشارات التأمينية روبير جميل البهو ل"الحياة"، إن المرحلة المقبلة ستشهد اتجاه كثير من شركات التأمين في السوق إلى نظام التعرفة تحديد الأسعار، وهذا يعتبر من أكبر الكوارث، خصوصاً أن المؤمّن عليهم هم من سيدفع ثمن ارتفاع أقساط التأمين. ولفت إلى أن من أهم العقبات التي ستتعرض لها شركات التأمين، توفير الكوادر السعودية الفنية المتخصصة في مجال التأمين، التي تحتاج إلى جهد كبير في تأهيلها وتطويرها، إضافة إلى المواجهة القوية مع مقدمي الخدمة الطبية المتعلقة بالأسعار، وكيفية المحافظة على التوازن بين الأسعار وكلفة أقساط التأمين. وأكد أن أقساط التأمين في المملكة شهدت نمواً ملحوظاً في الأعوام الثلاثة الماضية، إذ زادت بنسبة أكثر من 20 في المئة، ويتوقع أن ترتفع بنسبة 30 في المئة خلال السنوات المقبلة، وهذا بدوره أسهم في استفادة الكثير من الشركات العاملة في السوق السعودية قبل الترخيص وبعده، بينما الشركات الجديدة من المعلوم أن معظمها لم يبدأ العمل، وهناك أكثر من 20 شركة جديدة لا تمتلك موازنات محددة، على رغم ارتفاع أسعار أسهمها في سوق الأسهم السعودية. ورهن البهو نمو الشركات المرخص لها بتوافر إدارة جديدة، واستحداث منتجات جديدة، وعدم الاعتماد على التأمين الصحي والمركبات فقط، لأن ذلك سيؤدي إلى خسائر كبيرة، إذا لم تتوافر لها الإدارة الجيدة التي تمتلك استراتجيات العمل التأميني. وذكر أن شركات التأمين في السوق السعودية قامت باحتساب الجدوى الاقتصادية، معتمدة بشكل أساس على التأمين الصحي، إذ أثبتت الدراسات أن الأقساط الحالية البالغة 7 بلايين ريال سترتفع إلى أكثر من 20 بليون ريال في السنوات الخمس المقبلة، ولذا فإن حصص الشركات من الأقساط ستكون واعدة إذا ما استمر النمو كما هو عليه، وإذا ما تحققت لهذه الشركات المهارات الحرفية العاملة في هذا القطاع. وقال البهو إن الاقتصاد السعودي يشهد تطوراً كبيراً في مختلف المجالات، إذ إن أسعار النفط مرتفعة، والفائض المالي والسيولة متوافران في السوق، وكذلك عودة توطين الاستثمارات وجذب الاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى توافر الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي، والتوسع الكبير في المنشآت الاقتصادية والعامة، وانضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، وغيرها من العوامل، التي أسهمت جميعها في اتجاه كثير من الشركات المتخصصة في مجال التأمين إلى التقدم بطلبات الترخيص، ومن المتوقع أن يصل عددها إلى أكثر من 40 شركة، باستثمارات تتجاوز 12 بليون ريال. يأتي ذلك في الوقت الذي قال نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد الجاسر، إن قطاع التأمين يمر بمرحلة تطوّر، وهو مرشح للنمو بقوة، لتكون أكبر سوق تأمين عربية، لافتاً إلى أن القطاع له أضلاع ثلاثة، هي: الجهة المشرفة وشركات التأمين والمستفيدون، وأن مؤسسة النقد تصدر قراراتها وتعليماتها بعد التنسيق مع تلك الجهات الثلاث. وحدد مجموعة من الإجراءات الاحترازية التي يجب على شركات التأمين اتباعها في تلك المرحلة، للوصول إلى قطاع تأميني آمن، أهمها درس المخاطر المحيطة بالشركات، وتسعير المنتجات بناء على دراسات بحثية، وتقليل مخاطر المطالبات غير المتوقعة، واستثمار أموال التأمين في محافظ استثمارية قليلة المخاطر، وتجنب المشكلات التي تؤدي إلى خسائر ليس لها طائل، والإفصاح والشفافية اللذان يحققان فائدة للمستثمرين والمستفيدين، فضلاً عن التأكد من جودة المعلومات وصحتها، مشيراً إلى أن تلك الإجراءات سيترتب عليها الكثير من النتائج الإيجابية، مثل إقدام المستثمرين على الاستثمار في شركات التأمين، والحصول على إعادة تأمين بكلفة معقولة، وخلق فرص عمل جيدة للمواطنين، ونمو اقتصاد المملكة وازدهارها. وأوضح الجاسر أن المؤسسة رخصت لنحو 27 شركة، منها تسعة تراخيص نهائية، كما أصدرت التراخيص لنحو 30 شركة وساطة، وستة وكلاء، وسبع استشارات تأمينية.