نعرف جميعاً الترويج الإعلاني والدعائي والسياسي، وترويج الأفكار، والعادات، وحتى الترويج لبعض القرارات داخل المنشآت والدول، لكن الذي نعرفه ولا نعرفه هو"الترويق"، خصوصاً عن بعض الإخوة العرب الأكثر عندنا في الخليج... يقول اللبناني لصديقه المنفعل"روووق"كفعل أمر له بأن يهدأ ويروق أعصابه، ويقولون في بلاد الشام"أترويقة"على وجبة الإفطار، وبعض دول الخليج تسمي الوجبة نفسها"ريوق"لأنها ربما أول ما يزدرده الإنسان بعدما يستيقظ من النوم. ما أثار الكلمة هو استماعي لنقاش بين أب وابنه، يطالب الأب فيه بأن يبدأ الابن الاستعداد للمرحلة العملية من حياته بعد تخرجه في أحد المعاهد، فأجاب الابن بأنه يريد أن"يروق شو"قبل الخوض في غمار الحياة، فأجابه والده بحنان خبيث أو خبث حنون"ضبط لك براد شاهي منعنش وروق عليه طول العصر". ثم انتبهت إلى أن الكثيرين يستخدمون الكلمة، فبعض الموظفين إذا بادرته مع بداية الدوام بمعاملة يجيبك"يالله صباح خير خلنا نفطر ونروق بعدين يصير خير"، وأيضاً في المنطقة الغربية، وربما في مصر يقول الهادئ البارد للعصبي المنفعل"يا أخي روق المنجا"، ولا اعرف لماذا المنجا بالذات تستخدم هنا كناية عن المزاج؟ هل لأن نكهتها من النوع النفاذ؟ أو لأنها ثمرة يحتاج أكلها من دون تلطيخ اليدين والثوب إلى هدوء وتركيز و"... ترويق"، أم ماذا؟... ما علينا! الأمهات يقلن للأبناء إن أباهم"رايق"الآن، ويمكنهم أن يطلبوا منه مجدداً الأشياء المهمة، أو التي سبق رفضها، والآباء يستغلون"روقان"الأمهات للفوز بتأخيرة كبيرة في سفر أو"كشته". أيضاً العشاق لهم من الكلمة نصيب، فكثير من القصائد والأغنيات تتحدث عن"الرايق"، وإذا لم تخنِ الذاكرة هناك أغنية اشتهرت قبل سنوات عدة تحمل العنوان نفسه... ويقول المتأملون أصحاب الروية عن شيء يحتاجون إلى وقت طويل لبحثه أو قراءته"خلينا نروق عليه"أو بمعنى آخر عند"العرابجة"، خلينا"نطقطق"عليه. وهنا يمكن الربط مع ظواهر اقتصادية واجتماعية وحتى تنموية، فهناك قرارات صادرة في شؤون عدة لم تر النور إلى الآن، لأن المعنيين بالتنفيذ لا يزالون"مروقين"عليها، وبعضهم يظن أنه سيظل"مروقاً"في موقعه إلى الأبد، وهناك"الترويقة"الكبرى على تطوير التعليم، بدءاً من مبانيه، وانتهاءً بمعلميه، ومروراً بمخرجاته التي أثبتت التجربة العملية أنها مناسبة جداً للقطاع الخاص وقطاعات التصنيع، والمعرفة فقط منذ عشرين عاماً! وبالقياس هناك شركات مقاولات"روقت"على مشاريع، ومستشفيات فعلت بمرضاها، وآباء وأزواج بزوجاتهم وأطفالهم. وأخيراً ما رأيته قبل أسابيع في برنامج في قناة الإخبارية من"الترويق"القضائي على قضايا الأحوال الشخصية والأنكحة، إذ يُطلب من المرأة أن"تروق المنجا"على زوجها، حتى يتخذ قراراً نهائياً خلال عشر سنوات، هل يريدها ويعيدها، أو لا يريدها ويطلقها، أم يحتاج إلى مهلة"ترويق"إضافية؟! بالطبع أعرف وتعرفون أن"الترويق"يستخدم كمصطلح في أمور أعيذكم ونفسي منها، ولا أود التحدث فيها حتى أكمل"ترويقي"عليها تحليلاً ودرساً وبحثاً حتى يمكن تقديمها بشكل مفيد، لا يتبرع أحد و"يروق"عليه، ويطلعني مثلاً عسقلاني، وهي دمج كلمتي علماني"معسقل"مع بعض. وختاماً وبمناسبة"ترويق"موظفي الحكومة والطلاب على يومي الإجازة، فقد أرسلوا خطاباً للوفود المشاركة في قمة"أوبك"هذا نصه:"عاد نبيكم تواعدوننا... ترى ذي مهيب جيه". [email protected]