يرى الخليفة العباسي"المستنجد بالله"أن الشيب في رأس الرجل هيبة ووقار، وينسب له قول يحفظه بيض الرؤوس عن ظهر قلب، وهو قوله: عيّرتني بالشيب وهو وقار يا ليتها عيّرت بما هو عار هكذا يوصف الشيب، وهناك من صدق ذلك، وآخرون - وأنا منهم - لا يرونه وقاراً ولا يحزنون، وللدلالة على ذلك اسألوا صالونات الحلاقة والصيدليات التي تروج للاصباغ ومستحضرات التجميل الرجالية بأنواعها... وإحقاقاً للحق، أقول إنه قد لا تتمكن - عزيزي القارئ - من التعرف على الشعور الذي ينتاب رأس أشيبٍ ما لم يستهدف اللون الرمادي أو الأبيض جمجمتك وتبدأ عملية الهرولة الى الصيدليات بحثاً عن الأصباغ، أو الانتظار ساعات طويلة للتربع على كرسي الحلاق بحثاً عن صبغة تخفي ذلك الوقار المزعوم! لكن السؤال الآن: هل تنامت في زماننا مسببات هذا المأزق الرجولي؟ هناك بطبيعة الحال أمور وراثية، وهذه لا حول لنا فيها ولا قوة، وهي قد تصيب أو تخيب، لكن في المقابل هناك اسباب أخرى لا دخل للوراثة فيها إلا إن كان أحدهم ورث فقراً، وهذا ابتلاء من الله قد يودي بصاحبه الى الشيب، وقد يصل الى الصلع. أما أبرز مسببات الشيب - من وجهة نظري في الوقت الحاضر - فهي المرأة، ذلك المخلوق الذي يأتي بالشيب من أعظمه، ولو سألني أحدهم لقلت إن أحد أسباب شيبنا المعاصر المرأة، ولا يقول لي أحدهم إن هناك شيباً طَرَقَ رؤوس من لم يتزوجوا بعد، فالرد المناسب هنا والدارج، أن المرأة هي أيضاً"أختك وأمك وخالتك"، إذاً لا يوجد مفر منها هنا، فالمرأة هي أحد المتهمين بالتسبب في الشيب! لكن ماذا إذا كان الشيب في رأس المرأة؟ يقول أحد الأعرابيين ممن تورط وتزوج من امرأة غزا رأسها الشيب: لها جسم برغوثٍ وساقا بعوضةٍ ووجهٌ كوجه القرد بل هو أقبح إذا عاين الشيطان صورة وجهها تعوذ منها حين يمسي ويصبح وتفتح - لا كانت - فماً لو رأيته توهمته باباً من النار يُفتح طبعاً قد يكون الأعرابي بالغ قليلاً في رد فعله، لكنني شخصياً لا ألومه وأسأل الله ألا يضعني مكانه. أما السبب الآخر الذي قد يأتي بالشيب باكراً فهو الصمت المطبق الذي يُقابل حال الغلاء السائدة في البلاد... وما يجعل الشيب يتمكن من رأسك هو الشعور وكأننا نعيش في كوكب، والجهات المعنية بكبح الغلاء تعيش في كوكب آخر. بقي واحد من المسببات الرئيسة للشيب، وهو من المحببين الى قلبي، ولمن لا يعرفه فهي سوق الأسهم، وما يعجل بالشيب وأمراضه من ضغط وسكر هم أولئك الذين يصفون أنفسهم بالخبراء، قد ترى بعضهم في عمر أقرب الأحداث، وتستغرب متى أصبح خبيراً، وما الذي أوصله لدرجة الخبير، بخلاف ان بعضهم لا يُحسن حتى الحديث لكنهم ينافسون المغنيين في الظهور على الفضائيات، ويرددون الفلكلور الاقتصادي لسوق الأسهم، فإذا تراجعت السوق فذلك"جني أرباح"، وإذا انهارت يعتبرونه"تصحيح مسار"، أما إذا ارتفع المؤشر فذلك يعني"الإقبال والمضاربة". وبما ان هذا التحليل منطقي"نظرياً"، فأنا لا أستغرب ذلك التذبذب في سوق الأسهم، وأيضاً إصابتنا بالشيب... سبب وجيه أخير يُصيب بالشيب، وهو أن تذكر الآخرين بعيوبهم ومعاناتهم، بينما الذي تبقى من شعر رأسك يَعجُّ به. ولأخفف عليك - عزيزي"الشايب"- فالشيب في المنام وقار، هكذا يراه مفسرو الأحلام، وقيل إنه يدل على طول العمر، وإذا رأت المرأة الشيب برأسها فإن زوجها فاسق، وإن لم يكن فاسقاً فإنه"يُغيّرها بجارية أو زوجة". لا نعلم... هل لذلك علاقة بتعدد الزوجات وحالات التصابي المتفشية؟ [email protected]