حكم رقم 47/د/ف/5 لعام 1426ه في القضية رقم 300/1/ق لعام 1425ه المقامة من المعلمة ... وزارة التربية والتعليم تعليم البنات الوقائع: المعلمة باشرت العمل مدرسة في معهد... في الدمام، وذلك بتاريخ 5-5-1421ه وفي تاريخ 24-12-1421ه حصلت لمحرمها حادثة توفي على اثرها، وبعدها تقدمت بطلب لنقلها إلى الرياض، وذلك بناء على تعميم الرئيس العام لتعليم البنات المتضمن نقل ذوات الظروف الخاصة، وتشمل المطلقة والمتوفى عنها محرمها... بعد ذلك وردت الإفادة من ادارة شؤون المعلمات عن مدى إمكان الاستغناء عنها فأرسل المعهد بإمكان الاستغناء عنها من دون بديل، لكن مع هذا لم يتم نقلها على رغم مرور سنة على وفاة محرمها، وفي تاريخ 21-12-1422ه تقدمت معلمة تعمل مع المدعية بالمعهد نفسه بطلب لنقلها لمدينة الرياض بسبب وفاة محرمها، وتم نقلها تقديراً لظروفها بعد عشرة أيام من طلبها للنقل، بعد ذلك طلب من المعلمة المدعية تعبئة استمارة جديدة للنقل لعرضها على لجنة الظروف الخاصة فوافقت اللجنة على نقلها ولم يبق إلا توقيع صاحب الصلاحية، فمكثت المعاملة أكثر من خمسة أشهر ولم يتم شيء حيال ذلك، بعد ذلك صدر تعميم جديد يحدد ضوابط النقل لذوات الظروف الخاصة، ولم يكن يشمل المتوفى عنها محرمها في تاريخ 26-2-1424ه وتم إبلاغ المعلمة بعدم موافقة الوكيل المساعد على النقل لعدم انطباق الشروط عليها على ضوء التعميم الجديد، بعدها تظلمت المعلمة إلى نائب الوزير لشؤون تعليم البنات بتاريخ 22-4-1424ه من عدم نقلها، ولم ترد أية إفادة ثم تظلمت لوزارة الخدمة المدنية ولم ترد أية إفادة، ثم بعد ذلك تقدمت لديوان المظالم تطلب إلغاء قرار عدم نقلها وما ترتب عليه من آثار. وبعرض ذلك على ممثل المدعى عليها قدم مذكرة من صفحتين، حاصل ما جاء فيها: انه لا مصلحة للمدعية من مطالبتها بإلغاء نقل المعلمة/....... ثم أن نقل المعلمة المشار إليها متفق وإجراءات النقل، لذا لا يجوز الطعن فيه واضاف أن عدم نقل المدعية وأمثالها كان للمصلحة العامة، وأن النقل ليس حقاً مكتسباً للموظف، وأنه بعد أن تيقن صاحب الصلاحية والسلطة التقديرية أنهن كثيرات وأنه في حال نقلهن سيكون هناك تأثير على سير الدراسة سواء في مدارسهن أو المدارس التي سينقلن لها، رأى تحقيقاً للمصلحة العامة عدم نقلهن وإصدار تنظيم يحكم وضعهن ومثيلاتهن، وطلب في نهاية المذكرة الحكم برفض الدعوى. ? وجاء بأسباب الحكم ما يأتي: حيث إن المدعية تهدف من إقامة دعواها إلى الحكم لها بإلغاء القرار السلبي المتضمن عدم نقلها من الدمام إلى الرياض، فإن هذا يعتبر تظلماً مما اعتبره النظام في حكم القرار الإداري، ومن ثم فإن هذه الدعوى تكون مندرجة ضمن اختصاصات ديوان المظالم بموجب المادة 8/1/ب من نظام ديوان المظالم... وحيث إنه عن الشكل فانه لما كانت الدعوى تظلماً من قرار سلبي فإن مواعيد التظلم من هذا القرار تبقى قائمة، بحيث يحق لصاحب الشأن رفعها متى شاء، وحيث إن ذلك ثابت من أوراق قضية المدعية... فإن دعواها مقبولة شكلاً. وحيث إنه عن الموضع فإن الثابت من أوراق القضية أن المدعية تعمل معلمة في معهد... في الدمام، وحصل لمحرمها حادثة سير أدت إلى وفاته وذلك بتاريخ 24-12-1421ه وحيث إن تعميم الرئيس العام لتعليم البنات رقم.... وتاريخ 23-9-1410ه استثنى المطلقة والمتوفى عنها محرمها من قواعد النقل، وحيث إن هذا التعميم بقي معمولاً به حتى صدور قرار وزير التربية والتعليم رقم... وتاريخ 4-11-1423ه وحيث إن مديرة معهد... رفعت طلب المدعية بالنقل بتاريخ 30-1-1422ه فإنه يتبين من هذا أن المدعية تعتبر مستثناة من قواعد النقل وفقاً لتعميم الرئيس العام لتعليم البنات رقم... وتاريخ 23-9-1410ه وحيث إنه ولئن كان الأصل في النقل يعتبر من صلاحية الجهة الإدارية إلا أنه إذا كان في ظل قواعد منظمة له فانه يتعين على الجهة تطبيق هذه القواعد على كل من تتوافر فيه شروطها و ألا يكون تطبيقها على أحد على حساب الآخر، وحيث إن المعلمة الثانية ... قد توفي محرمها بتاريخ 18-12-1422ه أي بعد محرم المدعية بما يقارب السنة، ومع ذلك تم نقلها من الدمام إلى الرياض، فانه لا مبرر لتأخير المدعية في إصدار قرار نقلها حتى صدرت ضوابط جديدة للنقل تجعل من ظروفها حالة غير مشمولة بذوات الظروف الخاصة، ومن المستقر عليه في قضاء الديوان أن القرارات الإدارية بحسب الأصل لا يكون لها أثر رجعي، وإنما تطبق على ما يتلوها من وقائع، ولا يعتبر من هذا كون تخصص المعلمة/... المشار إليها يختلف عن تخصص المدعية، لأن الاستثناء الوارد في التعميم المشار إليه لم يتطرق إلى التخصص وإنما عوَّل على ظروف خاصة بصاحبة الشأن، الأمر الذي تنتهي معه الدائرة إلى أحقية المدعية بالنقل تطبيقاً للعدالة وتحقيقاً للمساواة، فلهذا الأسباب: حكمت الدائرة: بإلغاء القرار السلبي الصادر من وزارة التربية والتعليم ? شؤون تعليم البنات - المتضمن الامتناع عن نقل المدعية: ... من المنطقة الشرقية إلى منطقة الرياض. التعليق على الحكم يعلق على الحكم المستشار القانوني ياسين الشمري علي النحو التالي: أولاً: من ناحية الشكل: من المستقر فقهاً وقضاء ان النظر من دون الإلغاء والفصل فيها يستوجب من القاضي أولاً وقبل كل شيء البحث في مدى اختصاصه بنظر الدعوى ثم في شروط قبولها، لكي ينتقل بعد ذلك إلى مرحلة البحث في موضوع الدعوى تمهيداً لإصدار الحكم فيها. وفي هذا الحكم نجد أن القاضي وفقه الله ? قد نظر في اختصاص ديوان المظالم - إذ أشار إلى ان هذه الدعوى مندرجة ضمن اختصاصات ديوان المظالم بموجب المادة 8/1/ب من نظام ديوان المظالم... إلخ. ثم بعد ذلك انتقل القاضي إلى النظر في شروط قبول دعوى الإلغاء والمتمثلة في شروط تخص القرار الإداري وهل هو قرار إداري ونهائي وله اثر قانوني وصادر من سلطة إدارية وطنية، ثم بعد ذلك شرط المصلحة أو هل المعلمة لها مصلحة في إقامة الدعوى أم لا، ثم بعد ذلك شرط ميعاد رفع الدعوى وهل المعلمة طبقت نص المادة الثالثة من قواعد المرافعات والإجراءات امام ديوان المظالم، وبعد ان تحقق القاضي من هذه الشروط حكم بأن دعواها مقبولة شكلاً. ثانياً: من ناحية الموضوع: لا شك أن دعوى الإلغاء باعتبارها دعوى قضائية تجد سندها النظامي في المادة 8/1/ب من نظام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/51 وتاريخ 17-7-1402ه، وهذا يعني أن دعوى الإلغاء هي قضاء موضوعي يوجه إلى ذات القرار الإداري نفسه، فالبحث في مشروعيتها من عدمه بصرف النظر عن الحقوق الشخصية للمدعي، لأن الدعوى أساساً ليست موجهة إلى الإدارة بقدر ما هي موجهة إلى القرار الإداري نفسه وهو ما يعرف في الفقه بدعوى ضد قرار. وهنا نجد أن القاضي ? وفقه الله - بحث في مشروعية القرار الإداري الذي صدر من الوكيل المساعد بعدم الموافقة على نقلها لعدم انطباق الشروط عليها على ضوء التعميم الجيد. بحثاً موضوعياً واعتبر أن هذا القرار الإداري السلبي غير مشروع وغير نظامي، فنجد أن القاضي ? وفقه الله ? كان حكمه موافقاً للقواعد الشرعية الإسلامية والقواعد التنظيمية الصادرة من الدولة ? حفظها الله ? حيث في هذا الحكم نجده طبق مبدأين مهمين على النحو الآتي: 1- نجد أن القاضي ? وفقه الله ? طبق مبد"العدل والمساواة"على المدعية، إذ يعتبر هذا المبدأ من أهم المبادئ التي تقوم عليها الحقوق والواجبات العامة ،وقد ذكر الله في محكم كتابه العزيز هذا المبدأ بقوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل، وقد حرصت جميع التشريعات التنظيمات المختلفة في جميع الدول على اعتناقه والنصر عليه. ومن ذلك المادة الثامنة من النظام الأساسي للحكم ? في المملكة العربية السعودية ? التي نصت على أن"يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية"، فيجب على القاضي أن يكون حصناً دائماً لحماية الحقوق والحريات العامة إذا رأى ان هناك تمييزاً أو تفضيلاً في المعاملة لبعض الفئات أو الأفراد أو الطوائف على حساب الآخر. 2- أيضاً نجد أن القاضي - وفقه الله - طبق مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية ? حينما نص في الحكم على أن"المستقر في قضاء الديوان أن القرارات بحسب الأصل لا يكون لها أثر رجعي، وإنما تطبق على ما يتلوها من وقائع... الخ. ونجد أن هذه المبدأ أساسه في الشريعة الإسلامي في قوله تعالى: وما كلنا معذبين حتى نبعث رسولا، وهو أيضاً يعتبر من المبادئ العامة للقانون والتي تطبق من دون حاجة إلى نص نظامي أو لائحي يقرر هذا المبدأ. ثالثاً: حجية الأحكام في دعاوى الإلغاء: لا شك ان هذا الحكم يعتبر من الأحكام الصادرة في دعاوى الإلغاء التي تتمتع بحجية الشيء والمضي به مثل سائر الأحكام القطعية، فبتالي فهو يحوي على حجية مطلقة في مواجهة الكافة، ويستند الفقه والقضاء في تبرير الحجية المطلقة لأحكام الإلغاء إلى ان دعوى الإلغاء هو قضاء موضوعي، بمعنى انه يقوم على اختصام القرار الإداري وليس من أصدره ولا يشترط لأعمال حجية حكم الإلغاء المطلقة اتحاد الخصوم مثلاً أو الموضوع أو السبب، فيجوز لكل من لم يكن طرفاً في دعوى الإلغاء ان يتمسك بحكم الإلغاء! وعلى هذا أقول ان كلمة معلمة من ذوات الظروف الخاصة قبل اصدار التعميم الجديد لها مصلحة في إلغاء هذا القرار السلبي.