بعد صدور المرسوم الملكي القاضي بالموافقة على نظام القضاء ونظام ديوان المظالم وآليتهما التنفيذية، يتبادر للذهن تساؤل حول آلية تنفيذ هذين النظامين، والمراحل التي سيمر بها، ومدة التنفيذ، فعلى رغم أهمية صدور مثل هذين النظامين, إلا أن الأهم هو تنفيذهما, فتنفيذ النظامين ووجود أثرهما أرض الواقع هو ما يعني المهتم بالشأن القضائي، والمواطن بشكل عام، إذ إنه يلمس الأثر من تلك الأنظمة من خلال تطبيقها. وبالنظر في ما تم إعلانه بهذا الشأن، نجد أن المرسوم الملكي نص على أنه إضافة إلى الموافقة على نظامي القضاء ونظام ديوان المظالم، تمت الموافقة على آليتهما التنفيذية، ولم يعط البيان الصادر من الديوان الملكي تفصيلات بهذا الشأن، غير أنه أشار إلى مشروع بكلفة سبعة بلايين ريال يطلق عليه"مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء"، ونص البيان الملكي على الآتي:"ولتحقيق كل ما يتطلبه ذلك من تهيئة الكوادر وتوفير الوظائف والتجهيزات ومباني المحاكم والمتطلبات اللازمة لتحقيق الأهداف والغايات من إصدار هذين النظامين، اللذين يؤمل ? بمشيئة الله ? منهما أن يسهما في إحداث نقلة نوعية واعدة في أداء مرفق القضاء مهامه والمسؤوليات المنوطة به، أصدر خادم الحرمين أمره بالموافقة على محضر لجنة الأنظمة الأساسية بالديوان الملكي رقم 4- 28 وتاريخ 6- 2-1428ه، التي رأت فيه أن تتم هذه النقلة التطويرية الشاملة في إطار مشروع متكامل يطلق عليه اسم"مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء"، وخصص موازنة خاصة لهذا المشروع تبلغ سبعة بلايين ريال. والله نسأل أن يوفق خادم الحرمين الشريفين، وأن يسدد أقواله وأعماله، ويبارك مسعاه، ويجعلها خالصة لوجهه الكريم، إنه ولي ذلك والقادر عليه". وفي الواقع، فإن رصد مثل هذه الموازنة الضخمة ووضع الآلية ضمن مشروع باسم خادم الحرمين الشريفين، يدلان على اهتمام كبير من القيادة بهذا المشروع، ما يبشر بأن التنفيذ سيكون تحت إشراف ومراقبة خادم الحرمين الشريفين مباشرة، ولن يترك ذلك للجهات المنوط بها العمل القضائي وحدها. وفي واقع الأمر أن هذا الاهتمام يأتي في سياقه الطبيعي، إذ إن حساسية هذا المرفق تحتم أن يكون الإشراف والمتابعة دقيقين. وقد وردت في مشروعي النظامين الإشارة إلى انتقال النظر في القضايا التجارية من ديوان المظالم إلى وزارة العدل، ويتوقع أن يتم نقل الدوائر التجارية كافة والدوائر الجزائية بقضاتها الحاليين من ديوان المظالم إلى وزارة العدل، إضافة إلى نقل أعضاء اللجان الابتدائية والاستئنافية من وزارة العمل إلى وزارة العدل، وربما يتخلل فترة التنفيذ انتقال بعض القضاة من وزارة العدل إلى ديوان المظالم للتدرب على القضاء التجاري. ومن المتوقع أن يتم التنفيذ على مراحل عدة قد تستغرق ثلاث سنوات، إذ إن التنفيذ يحتاج إلى تعيين عدد كبير من القضاة في السلك القضائي، إضافة إلى إنشاء مبان للمحاكم المتخصصة من تجارية وعمالية وجزائية وأحوال شخصية، وافتتاح فروع جديدة في مناطق المملكة كافة، إضافة إلى ما تحتاجه زيادة درجات التقاضي من درجتين إلى ثلاث درجات، بإضافة درجة الاستئناف، من ترتيبات إضافية ووضع آلية لاستيعاب درجة التقاضي الثالثة داخل المحاكم. كل ذلك يحتاج إلى مجهودات ضخمة وجبارة، وأظن أن ما رصد لتلك الموازنة مبلغ ضخم يفي بالغرض، ما لا يوجد معه عذر أمام أي مسؤول للتواني أو التباطؤ في التنفيذ. *أكاديمي بجامعة الملك سعود [email protected]