قالت العرب الأوائل"ما هكذا تورد الإبل يا سعد"عبارة حكيمة تعطي مضامين التحقق والتثبت في سوق المعلومة الصحيحة وعدم قول الكلام على عواهنه، كما قالت أختنا الفاضلة زينب غاصب في مقالها الذي نُشر في صحيفة"الحياة"السبت 26 - 8 - 1428ه تحت عنوان"سوق عكاظ"، والذي قالت فيه إنها تلقت دعوة للمشاركة فيه ولم تتمكن لأنها خارج المملكة، وهذا من سوء التنظيم، وبصفتي رئيس لجنة المتابعة في اللجنة التنظيمية للإعداد لفعاليات سوق عكاظ الأول هذا العام اعتذر لها، ولا علم لدينا بدعوة الأخت زينب، وربما اتصال جاء لها من اللجنة النسائية في شركة سعودي للاحتفالات التي ترعى الملتقى، ولذلك اللجنة الرسمية تعتذر لها، وتقول إن التنظيم لملتقى سوق عكاظ هذا العام كان ناجحاً جداً ولا يستحق هذه القسوة من الأخت زينب، وهذا بشهادة الجميع من الحضور والمسؤولين، وعلى رأسهم أمير منطقة مكةالمكرمة الأديب والشاعر والمفكر خالد الفيصل، ومتابعة محافظ الطائف الأستاذ فهد المعمر، الرجل الذي وراء الإعداد الجيد لفعاليات سوق عكاظ وإظهاره إلى حيز الوجود بعد نحو 1300 عام من النسيان. سأركز هنا على بعض الجمل التي أتت في مقال الأخت زينب، وهي بعيدة عن الحقائق وسأرفق بالقوارير ولن أكن قاسياً عليها بصفتي الشخصية، إنني مناضل شرس نوعاً ما حول الذين يجهلون أو يتجاهلون المعلومات الصحيحة حول سوق عكاظ، وهذا منهجي منذ 40 عاماً، ولا أدعي الكمال أو الوصول كلياً إلى ما يريده الباحثون، وبفضل هذا النضال تحقق إبراز سوق عكاظ إلى الوجود بعد موت طويل، وأقول عندما تذكر الأخت زينب أن سوق عكاظ الجاهلي... فإنها بذلك تخرج هذه السوق من عصورها الذهبية في العصر الإسلامي الذي امتد حتى عام 129ه، وكانت محفلاً عربياً عالمياً استمرت في عصور العرب في الجاهلية والإسلام، واتسمت بقوة الفعل الإنساني من أدب وشعر وخطابة وتجارة وفض المنازعات بين الخصوم، وفيها كانت تعقد الحلول، وأصدرت سوق عكاظ قانونها المعروف بتحريم الحروب في الأشهر الحرم، ومن خالف هذا القانون وقام بحرب سميت حروبه حروب الفجار والتاريخ يوافق ذلك، ومعروف أن نبي الإنسانية محمد بن عبدالله حضر عكاظ في الجاهلية والإسلام، يدعو إلى الإسلام وترسيخ الأخلاق والقيم الفاضلة. في مكان آخر من مقالها آنف الذكر، تقول الأخت زينب محمد موسم المفرجي أول من دعا إلى بعث سوق عكاظ بعد دعوة الملك فيصل بن عبدالعزيز، رحمه الله، عندما كان ولياً للعهد، وأول من كتب عنها بحثاً جمع فيه كل المعلومات...، والصحيح أن ما تقوله اختنا زينب لا يستند إلى منهج التاريخ وحقائقه، والتي تقول إن الملك فيصل رحمه الله اصدر أمره إلى كوكبة مختصة هم علامة جزيرة العرب حمد الجاسر وعبدالوهاب عزام ومحمد بن بليهد لتحديد سوق عكاظ عام 1355ه، وكان رحمه الله نائباً عن الملك في الحجاز ولم يكن ولياً للعهد، ومعروف انه تولى ولاية العهد عام 1373ه، وبذلك صدرت كتب وخرائط عن سوق عكاظ عن الأعلام الثلاثة، وهي موجودة ونشرت قبل عام 1368ه، وأخي وصديقي محمد المفرجي رحمه الله يستحق التكريم من المنظمين لفعاليات سوق عكاظ، وسيكرم بإذن الله على جهوده الأدبية المتنوعة، وأنا أحد المشاركين معه في كتابه"سوق عكاظ"، ولي فيه موضوعان، والذي طبع لدينا بنادي الطائف الأدبي، لذلك أقول لأختي زينب غاصب تأكدي مرة أخرى عندما تحاولين الكتابة في التاريخ ألا تغصبي الثوابت، وحتى لا يكون لاسمك نصيب من ذلك آمل التأني، ففي التأني السلامة والنجاة من المزالق. والله الهادي إلى جادة الصواب. مؤلف كتاب:"سوق عكاظ... التاريخ والرمز" [email protected]