قال محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي حمد السياري إن زعماء الخليج سيقررون في كانون الأول ديسمبر المقبل، ما اذا كان يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي الست الوفاء بموعد في عام 2010 لتطبيق الوحدة النقدية. وأوضح ل"الحياة"، أن التطورات الاقتصادية بمثابة العملية الديناميكية غير ثابتة، وأنه يتم تقوّيمها بشكل مستمر من دول المنطقة، مضيفاً:"وهذا يدل على أن قرار فك ارتباط العملة لا يتم إلا بما يتناسب مع متطلبات الاقتصاد الوطني". وأكد السياري، خلال الاجتماع ال 74 للجنة التعاون المالي والاقتصادي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في جدة أمس، أن دول المجلس أكدت التزامها بسياسة الصرف الحالية بإجماع كل المشاركين. وأضاف:"دول مجلس التعاون الخليجي اتفقت على بقاء سياسة الصرف الحالية من دون تغيير، وبقاء ارتباطها بالدولار، وذلك مع متابعة تطورات الأوضاع الاقتصادية في المنطقة بشكل مستمر". وبين محافظ مؤسسة النقد العربي، الذي أناب عن وزير المال إبراهيم العساف في رئاسة الجلسة والوفد السعودي، أن لكل دولة من الدول الأعضاء هامشاً يسمح لها بتحديد سعر صرف عملتها بما يتوافق مع سياستها الاقتصادية، بحسب قوله. وكان وزراء المال والاقتصاد ومحافظو البنوك المركزية في دول مجلس التعاون ناقشوا أمس مواضيع تتصل بالاتفاقات والعلاقات الاقتصادية بين دول الخليج من جهة، والمجموعات الاقتصادية الدولية، إضافة إلى التوصيات المقدمة من لجان الاتحاد الجمركي، والسوق الخليجية المشتركة، واللجان الفنية التابعة للجنة التعاون المالي والاقتصادي، في حضور المدير العام للبنك الدولي رودريغو دي راتو. وحول الاتحاد الجمركي المشترك، كشف السياري أن المجتمعين أخذوا في الاعتبار عدداً من التوصيات التي قدمت لهم عبر أعضاء وفد البنك الدولي المشارك في الاجتماعات، موضحاً انه"سيتم عرض هذه التوصيات على القمة المقبلة"، من دون أن يفصح عن موعد زمني لقيام اتحاد جمركي مشترك بين دول المجلس. من جانبه، كشف نائب المدير العام لمصلحة الجمارك السعودية سعود الفهد، أن المجتمعين ممثلو الجمارك في دول المجلس اتفقوا على توحيد أسعار دخول السيارات المستعملة بين دول الأعضاء. ويأتي هذا الاتفاق عقب مصادقة ملوك وأمراء دول المجلس خلال القمة الماضية على توحيد التسعيرة الجمركية بين دول المجلس ب 5 في المئة. وقال المدير العام لصندوق النقد الدولي رودريغو دي راتو في رد على سؤال"الحياة"الخاص بالعملة الخليجية الموحدة:"إن هذا يعتمد على التصميم السياسي من دول مجلس التعاون الخليجي"، مشيراً إلى تجربة الدول الأوروبية في هذا الجانب. وحول سؤال"الحياة"عن أزمة الرهن العقاري العالمية ومدى انعكاساتها على دول مجلس التعاون الخليجي عموماً والسعودية خصوصاً، قال:"إن الانعكاسات السلبية على دول الخليج العربية تبدو شبه معدومة". وقال المدير العام لصندوق النقد الدولي رودريغو دي راتو ل?"الحياة":"إن محاربة التضخم ليست بالضرورة في قطع الصلة بالدولار، خصوصاً انه يعتمد على الوضع الاقتصادي للدولة، وهو مختلف من دولة إلى أخرى". وأشار إلى أن الدول التي ترتبط عملتها بالدولار تختلف فيها معادلة التضخم، وبالتالي ليس الارتباط بعملة معينة هو السبب الرئيس الذي يحدد معدل التضخم". وركز المدير العام لصندوق النقد الدولي على الإصلاحات الهيكلية وعلى زيادة الطاقة الإنتاجية، خصوصاً في الدول التي تنمو بسرعة، وقال:"إن الاستثمار في المجالات التي تزيد الطاقة الإنتاجية وتمنح الإصلاحات الهيكلية يؤدي إلى خفض نسب التضخم". لافتاً إلى أن النمو الاقتصادي العالمي ما زال قوياً على رغم الآثار السلبية للاضطرابات الأخيرة في الأسواق المالية. مشيراً إلى الدور الذي تلعبه دول مجلس التعاون الخليجي في تحقيق الاستقرار في أسواق النفط، من خلال زيادة إنتاجها لمواكبة الزيادة الحاصلة في الطلب العالمي على النفط. وأضاف:"من الملاحظ أن الأسواق المالية تحمل بشكل جيد أثر التضخمات في البورصات المحلية في عام 2006، نتيجة الإجراءات الوقائية المسبقة والبيئة الاقتصادية، وبدأت أسعار الأسهم في الانتعاش في الربع الثاني من عام 2007، وظلت مستقرة أثناء الاضطرابات الأخيرة في أسواق الدول المتقدمة المرتبطة بالقروض العقارية". مشيراً إلى تصميم دول المنطقة على الاستفادة من البيئة الحالية والمواتية لبناء أسس أقوى للاقتصاد الكلي وتطبيق إصلاحات هيكلية، بما في ذلك تقوية القطاع المالي وتطبيق إصلاحات في سوق العمل، وخلق بيئة مواتية لمشاركة أكبر من القطاع الخاص، وقال:"إن دول المنطقة تقوم حالياً باستثمارات هائلة في إطار ترتيبات مشاركة بين القطاعين الخاص والعام، لتحسين البيئة التحتية وتوسيع قاعدة الإنتاج وتوليد فرص عمل للموظفين". وأضاف:"خلال السنوات الماضية تطورت سياسات دول المجلس المؤدية لزيادة الإنفاق العام وزيادة النمو المحلي وتحقيق الأهداف الاجتماعية بطريقة مواتية لخفض الخلل في التوازنات الاقتصادية العالمية". مشيراً إلى أن تحقيق تقدم ملموس في التكامل بين دول المجلس سيكون من خلال إزالة القيود على الانتقال الحر للسلع والخدمات والعمالة الوطنية وتطبيق تعريفة جمركية موحدة. وقال:"على رغم بعض الاختلافات العامة التي تظهر في مواقف الدول الأعضاء حول التقدم نحو الاتحاد النقدي فإن هناك زخماً ملموساً بين البلدان لتحقيق هذا الاتحاد".