تواجه دول الخليج العربية المنتجة للنفط مخاطر تجدد المراهنات على تخليها عن سياسة ربط عملاتها بالدولار، إذا أبدت أي شقاق بشأن سياسات الصرف في اجتماع إقليمي مطلع الأسبوع المقبل بشأن الوحدة النقدية. والغرض الرسمي من الاجتماع الذي سيعقد في مدينة جدة السعودية، وهو مراجعة الجدول الزمني لطرح عملة موحدة لأكبر منطقة مصدِّرة للنفط في العالم لا يثير اهتماماً كبيراً. وتتفق السعودية وجيرانها الخمسة على أنه سيكون من الصعب الوفاء بالموعد النهائي المقرر في عام 2010 إن لم يكن مستحيلاً. وتخلت الكويت بالفعل عن تعهدها الذي قطعته مع الدول الخمس الأخرى بالإبقاء على ربط العملة بالدولار المتهاوي استعداداً للوحدة النقدية. ويقول المحللون إنه مع انخفاض قيمة الدولار إلى مستويات قياسية وارتفاع معدلات التضخم إلى أعلى مستوياتها في عشر سنوات، ومواجهة البنوك المركزية لاحتمالات الاضطرار لملاحقة خفض الفائدة الأميركية، سيتعرض محافظو البنوك المركزية ووزراء المال إلى ضغوط للحفاظ على جبهة موحدة في اجتماعهم يومي السبت والأحد. وقال المختص باقتصاديات أفريقيا والشرق الأوسط في"كاليون بنك"في لندن كوسيلاس ماميس:"إن الخلاف واقع بالفعل في ما يتعلق بمكافحة التضخم وسياسات الفائدة". وأضاف:"أعتقد أن هذا الخلاف سيستمر في ما يتعلق بسياسات الصرف، ونحن نترقب أية دلائل على تغيير في نظام صرف العملات". وبدأ الموعد النهائي لطرح العملة الموحدة يهتز عندما قررت عمان العام الماضي عدم الالتزام بموعد 2010. وتخلت الكويت عن ربط عملتها بالدولار لمصلحة سلة عملات في أيار مايو الماضي.وقال محافظ البنك المركزي في الإمارات في تصريحات نشرت هذا الشهر، إن طرح عملة موحدة مستبعد الحدوث حتى في عام 2015. وقال محافظو البنوك المركزية في قطر والبحرين والسعودية مراراً أنه من الصعب الوفاء بالموعد النهائي. وقال المسؤول عن اقتصاد الشرق الأوسط في"إتش.إس.بي.سي"في دبي سايمون وليامز:"بيان يعلن التأجيل... سيُفسر على أن دول الخليج مستعدة لتبني سياسات أكثر استقلالية في ما يتعلق بالتحديات التي تزداد حدة التي تواجهها". وأضاف:"ارتفاع التضخم وضعف الدولار وتراجع أسعار الفائدة الأميركية تشكل أثراً مباشراً في الاقتصاد، والسوق ستترقب الاجتماع بحثاً عن دلائل تشير إلى نوع استجابات هذه الدول". وباستثناء الكويت تتفق دول الخليج على أن السماح لعملاتها بالارتفاع أمام الدولار ليس خياراً مطروحاً في الوقت الراهن. ولم يتفق محافظو البنوك المركزية في اجتماعهم السابق في السعودية الشهر الماضي على شيء آخر يذكر. وقالت الدول الست إن كلاً منها ستختار الاستجابة التي تناسبها إزاء أي خفض في الفائدة الأميركية. وعندما خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي البنك المركزي الأميركي سعر الفائدة يوم 18 آب أغسطس الماضي، أحجمت السعودية وعمان والبحرين عن اتباع خطاه، واختارت تحمل الضغوط على عملاتها بدلاً من زيادة التضخم في الداخل. وبلغ سعر الريال السعودي أعلى مستوياته في 21 عاماً بعد هذه الأنباء. وخفضت قطروالإمارات، وهما الدولتان اللتان تشهدان أعلى معدلات تضخم في المنطقة، أسعار الفائدة إلى جانب الكويت لمكافحة المراهنات على ارتفاع العملة. ومع المتاعب التي يواجهها الاقتصاد الأميركي بعد مشكلة قطاع الرهون العقارية عالية المخاطر، من المستبعد أن يكون خفض الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية يوم 18 آب، هو الاختبار الوحيد لالتزام الخليج بربط عملاته بالدولار. وتوقع اقتصاديون استطلعت"رويترز"آراءهم هذا الشهر، أن يخفض مجلس الاحتياطي الاتحادي الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية أخرى بحلول نهاية الربع الأول من العام المقبل، منها ربع نقطة مئوية خلال هذا العام. وقال مدير البحوث الإقليمي في"ستاندارد تشارترد"ماريوس ماراثيفتس:"مع استمرار الخفض يجب أن يحدث شيء ما". وتردد أن الإماراتوقطر هما الأكثر ترشيحاً لرفع قيمة عملتيهما في استطلاع أجرته"رويترز"الشهر الماضي. وقال ماراثيفتس:"أعتقد أن هناك مناقشات بشأن القيام بذلك بشكل جماعي"، وأضاف:"على المدى الطويل من المنطقي أن تحل سلة عملات محل الدولار".