في الدورة 62 للجمعية العامة للأمم المتحدة، صرح الرئيس الكازاخي نور سلطان نزاربايف بأن معظم الافتراضات حول وقوع ما يسمى"صدام الحضارات"لم تتحقق لحسن الحظ، إلا انه يجب أن نعي أن التوتر العقائدي يخلق أساساً اجتماعياً للإرهاب والتطرف الديني. ويعتقد أن ضمان الوفاق بين الأديان والتعايش السلمي بين المجموعات العرقية يعتبر حجر الزاوية في عملية الحفاظ على الأمن العالمي. وتعتبر كازاخستان نموذجاً يحتذى للتسامح، إذ يقطن بها ممثلون عن 130 قومية و45 طائفة دينية، وهذا التسامح يُعد عاملاً حاسماً في ضمان السلم والاستقرار والتقدم الاقتصادي لبلادنا. انه من المهم أن نرسي حواراً بين الديانات العالمية حول القضايا المحورية للنظام العالمي المعاصر، ومن هذا المنطلق أصبحت كازاخستان خلال الأعوام الأخيرة مقراً لانعقاد مؤتمر زعماء الديانات العالمية والتقليدية، وهو المؤتمر الذي حرص المشاركون فيه على إيجاد لغة للتفاهم المتبادل وآلية للقضاء على التوتر الديني في الأماكن الساخنة من العالم. وقد اقترح الرئيس الكازاخستاني أن يكون المؤتمر الثالث للزعماء الدينيين عام 2009، وأن يتم تنظيمه تحت رعاية الأممالمتحدة، كما اقترح أن يكون أحد الأعوام القليلة المقبلة عاماً للتقارب بين الأديان والثقافات. ويرى الرئيس نزاربايف أن هذه الوثيقة ستساعد على صياغة آليات لمكافحة الكوارث البيئية، وأشار إلى التسعينيات من القرن الماضي عندما فقد بحر الأورال ثلاثة أرباع مياهه، وأصبح كارثة للملايين من البشر المقيمين في محيطه، ولقد قامت دول وسط آسيا بالكثير من الجهود من أجل إعادة البحر إلى حاله الأولى، إلا أنه ومن دون تضافر الجهود مع المجتمع الدولي فإن حل هذه المشكلة سيصبح مستحيلاً، واقترح من جديد بعد مبادرته في قمة الأرض 2002 بمنح الصندوق الدولي لإنقاذ بحر الأورال وضع مؤسسة تابعة للأمم المتحدة. كما ذكر الرئيس الكازاخي حقيقة تاريخية، مفادها إنشاء لجنة تابعة للأمم المتحدة لبحث المشكلات المرتبطة باكتشاف الطاقة النووية، وكان ذلك في عام 1946،"ومنذ ذاك الوقت لم يحدث أي شيء من شأنه الحد من مخاوف الإنسانية". فطوال الأعوام السابقة استمر سباق التسلح وامتلاك السلاح النووي، ولا يوجد أي تقدم في موضوع إعادة تشكيل منظومة الأمن الجماعي، أما العالم فقد أصبح غير قادر على وقف انتشار أسلحة الدمار الشامل. وفي هذا الإطار قام الرئيس الكازاخي بتوجيه الاهتمام إلى أن الاتفاق الحالي حول منع انتشار السلاح النووي أصبح غير مناسب، إذ إنه يقضي بفرض عقوبات على الدول غير النووية فحسب، واقترح إعادة صياغة الاتفاق بما يتفق والواقع الجديد في العالم. ومن المعروف أن الشعب الكازاخي عانى كثيراً من توابع التفجيرات النووية الكارثية، ولذا كان القرار التاريخي الأول والذي اتخذته كازاخستان هو التخلي عن الترسانة النووية، والتي كانت تحتل المرتبة الرابعة عالمياً من حيث الحجم وتدمير البنية التحتية النووية، وإغلاق مركز سيمبالاتينسك للتجارب النووية، وهذه هي المرة الأولى في تاريخ البشرية والذي تُقدم فيه دولة بشكل تطوعي على مثل هذه الخطوة، ولقد عبّر الرئيس نزاربايف عن ثقته بأن هذه الخطوة دعت العالم إلى الثقة ببلادنا، فقد اتبع ذلك تدفق الاستثمارات على كازاخستان التي أصبحت أساساً لكل النجاحات التنموية المعروفة لدى العالم أجمع، وقد دعا الدول الأخرى إلى احتذاء النموذج الكازاخي وعدم إنفاق وإهدار الموارد الضخمة على سباق التسلح. يرى الرئيس الكازاخي أن احتدام أزمة الطاقة العالمية والتهديد المتنامي المرتبط بالتغيرات المناخية في كوكبنا تعد أهم القضايا التي تقف أمام المجتمع الدولي، ومن الضروري أن يتم في إطار الأممالمتحدة صياغة استراتيجية عالمية للطاقة والبيئة، وأن يتم مناقشتها في القمة العالمية للتنمية المستدامة في العام 2012. إن منطقة بحر القزوين تلعب دوراً متنامياً في السوق الدولية للطاقة، فكازاخستان تحتل حالياً المرتبة السابعة عالمياً في احتياطيات النفط، والمرتبة السادسة في احتياطيات الغاز، والمرتبة الثانية في احتياطيات اليورانيوم، ومع حلول العام 2017 ستدخل كازاخستان ضمن أكبر عشر دول منتجة للنفط والغاز عالمياً، وبامتلاكنا احتياطيات هائلة من اليورانيوم سنتمكن من لعب دور مهم في تطوير الطاقة الذرية. وفي إطار ذلك تعي كازاخستان جيداً مسؤوليتها في ضمان توازن الطاقة العالمية والأمن. وبهدف ضمان عدم الإغراق وكذا تقديم ضمانات لمنتجي الطاقة العالميين، فإن كازاخستان تقترح الموافقة على وثيقة أوراسيا لضمان استقرار تدفقات الطاقة. سفارة جمهورية كازاخستان في الرياض