تلتف العائلة حول أجهزة التدفئة، بعدما ارتدى أفرادها ملابس ثقيلة، بغرض الوقاية من البرد، فكرة الخروج من المنزل للتنزه أو حتى لزيارة الأقارب خلال الإجازة ليست في واردها. هذا المشهد حاضر في غالبية بيوت سكان الرياض، فالبرد الشديد الذي يغزو مدينتهم لم يعرفوه من قبل أو على الأقل منذ 20 عاماً - بحسب ما ذكره فلكيون أخيراً. ووفق نشرات الطقس، فان درجات الحرارة تتراوح بين 10 و18، إلا أن الشاشات الموجودة في الشوارع تناقضها وتقول انها تبلغ صفر مئوية. وتقول الشابة سامية محمد وهي من سكان الرياض:"لا أكون مبالغة إذا قلت ان الناس هنا دخلوا بفعل برودة الطقس إلى مرحلة سبات شتوي، فهم أصبحوا محاصرين في منازلهم، وقرروا تأجيل المشاريع التي يستدعي تنفيذها خروجهم منها". وتضيف:"لم أقم بزيارة أقاربي أو أغادر المنزل للتنزه خلال المرحلة الماضية، وقررت تأجيل كل ذلك إلى الوقت الذي يصبح فيه الطقس معتدلاً"، لافتة إلى الإنسان غالباً ما يعتريه الكسل والخمول في فصل الشتاء. أما طلال الفهد فهو مهتم منذ بدء الإجازة، بمشاهدة أحوال الطقس في التلفزيون،"آمل سماع أنباء بقرب ارتفاع درجة الحرارة لأستطتع الخروج وعائلتي، وقضاء إجازاتنا في البر كما اعتدنا في مثل هذا الوقت من كل عام"، موضحاً كانت لديه خطط كثيرة في الإجازة لم يستطع تنفيذ أي منها بسبب برودة الطقس. المسنة أم ناصر التي تعاني مرض"الروماتزم"، تفضل الجلوس في المنزل لئلا تشتد آلام عظامها"لا استطيع زيارة احد فبمجرد تعرضي للهواء البارد يبدأ الألم يشتد في عظامي، لذا اخترت قضاء الإجازة في الجلوس حول الموقد مع أولادي وأحفادي، ومشاركتهم في تناول المشروبات الدافئة". وتلفت هذه المرأة المسنة إلى أن الشتاء في الصحراء اشد قسوة منه في المناطق الساحلية"لأن الأول يصيب العظم ومن ثم يصيب الجلد ومن ثم يصعب الشعور بالدفء، أما الثاني فهو سطحي ولا يشعر المرء به عند ارتداء الملابس الثقيلة". واستغرب استشاري الأطفال والأمراض المعدية في مجمع الرياض الطبي الدكتور فهد الجبير، أن يلجأ السكان إلى الجلوس في المنزل تجنباً للبرد، مؤكداً أن الحركة مصدر للطاقة وتدفئة الجسم وحمايته من البرودة الزائدة. وقال إن الراحة الزائدة وعدم الحركة تتسبب في زيادة الوزن، وتضاعف المشكلات الصحية بالنسبة إلى الذين يعانون من آلام في المفاصل أو أمراض العظام عموماً. وطالب السكان بممارسة حياتهم بشكل طبيعي، سواء من زيارات أو قضاء حاجاتهم اليومية، مع الحرص على ارتداء الملابس الثقيلة التي تقي من تيارات الهواء الباردة، وتجنب الأماكن المغلقة والمزدحمة التي يوجد فيها مصابون بأمراض البرد، لاحتمال انتقال العدوى إليهم. من جهته، رأى اختصاصي الأذن والحنجرة الدكتور أحمد ياسر، أن مسألة الخروج من المنزل خلال الشتاء تخضع للأشخاص أنفسهم ووفق حالهم الصحية،"فمثلاً الذين يعانون انخفاض الضغط أو الروماتيزم يفضل بقاؤهم في أماكن دافئة"، لافتاً إلى أن الإحساس بالبرودة لدى البشر غير متساو. وحض الدكتور ياسر الناس على اتخاذ الإجراءات التي تولد لديهم شعوراً بالدفء سواءً باللبس أو الأكل والشرب.