جاء في مضمون أمر القبض الصادر عن الحقوق المدنية إلى رجال الأمن في شرطة المنطقة المختصة: "ألا يجوز إجراء أي تبليغ أو تنفيذ في محل الإقامة قبل شروق الشمس ولا بعد غروبها ولا في أيام العطل الرسمية إلا في حالات الضرورة وبإذن كتابي من القاضي، عملاً بما جاء في المادة ال 13 من نظام المرافعات الشرعية". وهنا لا بد من الإشارة إلى أمر مهم وهو وجوبية التفريق بين أمر التبليغ وأوامر التنفيذ من جهة، ومن جهة أخرى القبض، فأوامرالتبليغ التي وردت في الباب الأول من نظام المرافعات الشرعية من المواد ال 12 حتى 23 كلها أشارت وبدقة للضوابط الواجب اتباعها عند التبليغ وكذا التبليغ بالتنفيذ ولم تتحدث عن أوامر القبض نهائياً، وعندما يثار سؤال: "هل يعتبر أمر القبض بمثابة تنفيذ؟ وللإجابة عن هذا السؤال ينبغي أن نشير إلى المواد التي تضبط أوامر التنفيذ الصادرة في نظام المرافعات الشرعية في الباب الثاني عشر... فالتنفيذ يتم على أموال ومنقول المحكوم عليه في حال عدم الوفاء بالمبلغ المحكوم به، وذلك بتوقيع الحجز على ما يكفي لتنفيذ الحكم من منقولاته وعقاراته وبالمزاد العلني إذا اقتضى الأمر. أما كلمة تنفيذ التي وردت في المادة ال 13 فهي تشير إلى التبليغ بالتنفيذ التي وردت ضوابطه في الباب الثاني عشر، والتبليغ بالتنفيذ يخضع لأحكام المادة ال 13 من نظام المرافعات الشرعية بطبيعة الحال. أما أمر القبض فهو أمر إحضار ضد شخص بالقوة بواسطة أحد أفراد الأمن ووضعه رهن الإيقاف إلى حين سداد المبلغ المحكوم به ضده، وغالباً ما يتم هذا الأمر ابتداء دون الحاجة إلى الحجز على منقولاته أو عقاراته، فأمر القبض قد يختزل كثيراً من الإجرءات إذا علمنا أن كثيراً من الناس لا يرغبون في إيقافهم وتكون هذه وسيلة أنجع وأسرع في استيفاء المبالغ المحكوم بها. ولما كان أمر القبض يصدر في مواجهة المحكوم عليهم بناء على أحكام نهائية وإذا أخدنا في الاعتبار نقاطاً عدة وهي: 1- أن أمر القبض لا علاقة له بأوامر التبليغ. 2- أن أمر القبض منفصل تماماً عن أوامر الحجز التي تتم لتنفيذ الأحكام. فإن الأجدى ألا تكون الفترة الزمنية الممنوحة لإجراء أمر القبض محددة، إذ لا يعقل أن يمنح هذا الشخص المحكوم ضده كل هذه المزايا التي تساويه بالشخص الذي ما زال في مرحلة الاتهام أو الذي ما زالت هناك دعوى ضده قيد النظر... وهذا يعني أن الشخص المحكوم ضده يمكن أن يستغل هذه الثغرة بالخروج من مخبئه ومباشرة حياته العادية من دون خوف، بل ويمكن أن يأتي أمام المحكوم له ويقول له ماذا أنت صانع الآن؟! وهناك كثير من العباد لم يتمكنوا من إتمام إجراءات القبض، نظراً إلى ضيق الفترة الزمنية الممنوحة، إضافة إلى العطلات، وهو ما أضاع كثيراً من الحقوق، فكل التشريعات في العالم لا تقر بهذا الأمر فلماذا الإصرار عليه؟ علماً بأن نظام المرافعات الشرعية نفسه لم يبح هذا الأمر ولم ينص عليه، وكل ما في الأمر أن هناك خلطاً واضحاً بين أوامر التبليغ، والتبليغ بالتنفيذ من جهة وأوامر القبض من جهة أخرى... وعليه نناشد ولاة الأمر التدخل لعلاج هذا القصور الناجم عن هذا الخلط، ونحن لا نشك إطلاقاً بأنهم سيولون هذا الأمر عنايتهم الكاملة، تحقيقاً للعدالة وصوناً للنظام وحفظاً لمصالح العباد.