كانت خطاي متعثرة، وقدماي لا يستطيعان حملي، شعرت فجأة وكأني لا أقوى على الحراك، شعرت حينها أنني فقدت الإحساس، أصبحت جامدة، متصلبة كلوح من الثلج. لقد ضاعت العبارات مني، وغابت المعاني والحروف، كانت صدمة قوية كالصاعقة، كدت أقع على الأرض مغشياً عليّ، ليتني لم أكن على قيد الحياة حينها. صبي في ريعان الشباب، أنعم الله عليه بلياقة وقوة بدنية، يثير الرهبة في نفوس الآخرين. ولكنه عاق. نعم عاق بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حين اتجه إلى والده طالباً المال. كان جافاً وحاداً في طلبه، بل كان آمراً ولم يكن طالباً، لكن الوالد رفض، وأمام إصرار الوالد على موقفه وإدراكه أن الابن تحت تأثير السموم التي يتعاطاها، ليفاجأ بانقضاضه عليه بالضرب، بدأ بصفعة قوية على وجه ذلك المسن المسكين، من دون رادع. لقد صعق الوالد المسن من تصرف ابنه العاق وبقي صامتاً مذهولاً ساكناً بلا حراك، وآخر ما تلفظ به قبل أن يلتقط أنفاسه حيث لم يبرح الأرض وهو ملقى عليها: إياكم من تلك السموم، فما هي إلا تلف للعقول، وهدر للمال ومعصية لله تعالى، ثم تلفظ بالشهادتين وأسلم الروح لبارئها. محمد سعيد بن صبر - أبها