كثير ممن تختلج مشاعرهم من ابناء هذا الوطن تفيض حباً وعشقاً وولاء للوطن وقادة الوطن في ذكرى اليوم الوطني لهذا الكيان العظيم، ويتسابقون في التعبير عن مشاعرهم وتسطيرها ابتهاجاً بهذه المناسبة الغالية لكل سعودي يسترجع التاريخ ويتذكر. كيف كنا بالامس البعيد وكيف اصبحنا هذا اليوم؟ كيف كنا متفرقين ثم اصبحنا مجتمعين؟ وكيف كنا جائعين وكيف اصبحنا منعمين؟ وكيف كنا خائفين وكيف اصبحنا آمنين؟ وكيف كنا جاهلين وكيف اصبحنا متعلمين؟... وكيف وكيف وكيف؟ ان كتابة الكلمات المكررة والعبارات التي اعتدنا على ترديدها وكأنها عادة فقط من دون استشعار داخل النفس لمعنى ذكرى هذا اليوم، لم تعد مجدية ما لم يكن هناك حس وطني عميق نمارس فيه الوطنية بكل معانيها ? كل في مجاله ? فإن مثل هذه المناسبة ستمر مرور الكرام، ولن يكون لها اثر اكثر من وهج اعلامي واناشيد ومواد اعلامية متكررة، ينقصها قصور في كيفية معرفة اساليب احياء مثل هذه الذكرى الغالية بطريقة علمية متخصصة ومهنية اعلامية محترفة، لتكريس هذا المفهوم الوطني الغالي على انفسنا جميعاً. ولعل محبتنا وتقديرنا واجلالنا لهذا اليوم الوطني المبارك، تأتي من محبة وتقدير واجلال صانع هذا المجد بعد توفيق الله وفضله ومنته جل وعلا وهو الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل - رحمه الله - وأسكنه فسيح جناته، الذي جاهد في الله حق جهاده ووحد المؤمنين في دينهم وفي هويتهم الوطنية تحت راية التوحيد الخفاقة. نعم انني عندما أقول إن الملك عبدالعزيز وحد المؤمنين في دينهم أعني ما أقول وذلك عندما كان يصلي في الحرم المكي الشريف أربعة أئمة من جميع المذاهب الأربعة، واستطاع بحكمته وسياسته ودهائه وثاقب بصيرته - رحمه الله - ان يجعل امام بيت الله إماماً واحداً يصلي خلفه الجميع بحمد الله ومنته. ختاماً: أحب ان اتفق مع كاتب كتاب معجزة فوق الرمال وهو الكاتب أحمد عسة وأقول إنني اتفق معه في استعراضه لما قام به الملك المؤسس في توحيد المملكة العربية السعودية، واتفق معه في الطرح التاريخي الجميل لكتابه وتوثيق الوقائع والأحداث واعجابه بالملك المؤسس، ولكنني أختلف معه في المعنى اللغوي والشرعي لكلمة معجزة، إذ إن بطلاً مثل عبدالعزيز - رحمه الله - كان سلاحه الإيمان بالله تعالى أولاً، والنية الصادقة لنصرة دينه واعلاء كلمته، وكان الله جلا وعلا معه وناصره بإذنه تعالى لا يمكن ان تكون سيرته البطولية وفتوحاته وانتصاراته معجزة، لان خالقه جل وعلا قال ان تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم وهذه هي حال عبدالعزيز الذي نصر ربه فنصره ربه. أسأل الله ان يمن علينا جميعاً بما من به على عبدالعزيز، ويديم علينا هذا الوطن وولاة أمر الوطن وان يحفظهم بحفظه، ويديم علينا نعمه ظاهرة وباطنة ويحفظ علينا الأمن والأمان انه سميع مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. * نائب أمير منطقة القصيم