أظهرت الحقائق بشكل قاطع سوء نوايا أميركا تجاه العرب والمسلمين، وتبلور هذا الواقع بصورة واضحة بعد هجمات أيلول سبتمبر الأسود، وفي هذا الإطار، قامت أميركا بتبني سياسة مرفوضة من جميع فرقاء المنطقة، باستثناء إسرائيل، ما أدى إلى ضياع فرص السلام في الشرق الأوسط، إن إصرار أميركا على التعامل مع المطالب العربية بالرفض والازدراء واستمرار نهجها العدواني، الذي تمخض عن الموت والدمار في كثير من الدول العربية، يجب أن يكون مدعاة لنا جميعاً نحو التصدي للسياسة الأميركية المتطرفة في المنطقة. وتعتمد استراتيجية التصدي، بالدرجة الأولى، على تضامن عربي إسلامي، أو عربي على أقل تقدير، أما الآلية فتبدأ بالإعلان عن أن عدم قبول تنفيذ القرار الدولي 242 سيدفع العرب إلى إسقاط خيار السلام المتبني في عام 1996. وفي ما يتعلق بالتداعيات، لا ننكر أن البعض يتخوف من تداعيات تبني هذه الاستراتيجية، لأنها قد تؤدي إلى تصعيد ومواجهة سافرة مع أميركا وإسرائيل، وقد تؤدي إلى وقوع دمار هائل لمدن عربية، لكنني استبعد إمكان حدوث ذلك، على أساس أن أية مواجهة شاملة بين العرب وإسرائيل ستؤدي بالضرورة إلى دمار كلي أو جزئي لإسرائيل، وهذا سيناريو لا تطيق أميركا حدوثه أو حتى تخيله، ولذلك لن تسمح به. ونصل إلى الاستحقاقات، فنشير إلى أن السلام العادل والشامل الذي تصبو إليه شعوب المنطقة بلا شك، سيكون إحدى نتائج تبني استراتيجية التصدي. أما أميركا، فإنها ستحجم عن مهاجمة العرب وهم مجتمعون، حفاظاً على سلام ربيبتها، كما أسلفنا، ما يرغم أميركا على الانصياع للشرعية الدولية. وبعبارة أخرى، فان إسرائيل تصبح أشبه بالرهينة لدى العرب، ولولاها لأمكن لأميركا أن تمطرنا بصواريخها عبر القارات، من دون أن يكون لنا حول أو قوة. وفي الختام، أود تذكير الجميع بخيبات الأمل التي تلقاها من أميركا سنة بعد أخرى، حتى لم نعد قادرين على رؤية أي بصيص نور في نهاية النفق، وفي ضوء كل ما تقدم، اعتقد أن خلاصنا يكمن في تبني هذه الاستراتيجية عاجلاً لا آجلاً.