كرمت وزارة الثقافة والإعلام مساء الثلاثاء الماضي في فندق وستن في مدينة جدة، الناقد محمد صالح الشنطي. كان التكريم وداعية وفاء وعرفان للناقد الشنطي، وهو أيضاً أمسية التأصيل لثقافة جديدة تضطلع بها وزارة الثقافة والإعلام. إنها ثقافة التكريم والاعتراف بالفضل، مع مخلص أجاد في دراسة الأدب السعودي. تظاهرة ثقافية حمل شعلتها وزير الثقافة والإعلام الأستاذ إياد مدني، ورافقه عشرات المثقفين والأكاديميين والدارسين والمبدعين، الذين جاءوا بدافع من مشاعر الامتنان والمحبة. تحدث في بداية الحفلة الأستاذ إياد مدني مشيداً بدور الدكتور محمد الشنطي، الذي غادر المملكة للعمل بإحدى جامعات الأردن. وأكد في كلمته القصيرة المرتجلة على ما يكنه مثقفو المملكة لهذا الرجل من تقدير وحفظ لجميل تمثل في عشرات الدراسات والقراءات النقدية المثمرة، التي أثرت الساحة وأسهمت في سد فراغ كبير في مكتبة النقد الأدبي القصصي، والروائي والشعري السعودي. وفي كلمات حميمة، أثنى الشاعر علي الدميني على جهود المحتفى به، في التوثيق والتحليل والرؤى النيرة، التي أسهمت وأكملت ما بدأته كوكبة الرواد في سطوع الحركة التنويرية في المملكة. وسرد الدكتور سعيد السريحي جملة من الذكريات والمواقف التي جمعته بالشنطي، وبدأها بذكرى الاحتفال بصدور كتاب"الحركة النقدية في المملكة"، الذي أصدره الشنطي في عام 1987، عندما قال للدكتور الشنطي إنه أنصف جميع النقاد ولم ينصف نفسه. ومن ناحية أخرى، أكد السريحي على نهج التكريم والوفاء الذي تنتهجه الوزارة، كمبادرة وفعل غير مسبوق. في حين ركز رئيس نادي جدة الأدبي الدكتور عبدالمحسن القحطاني على دور مؤلفات الدكتور الشنطي في إثراء البحث الأكاديمي، ومدى اعتماده شخصياً عليها في تدريس طلبته، وإحالته الباحثين الجامعيين للاستفادة من مؤلفاته الثرية. وتوالت الكلمات في أجواء من المرح والعفوية، وبدت صادقة تتخللها التعليقات اللطيفة من الأستاذ إياد مدني، والدكتور أبوبكر باقادر، الذي تحدث عن ظاهرة تجوال العقول العربية والنقاد على وجه التحديد، وأن ذلك التجوال اتسم بالمتاجرة والنفعية، ما أشاع مقولة"ناقد الشنطة"، وأن الشنطي لم يكن يوماً بناقد شنطة، بل هو رجل علم وأدب ورسالة جلية لا تخالطها منفعة أو محاباة. وتحدث الدكتور حسن النعمي عن مكانة كتابات الدكتور الشنطي وتوجيهاته له في بداية الثمانينات، محتفظاً له بعظيم الشكر على تناول تجربته القصصية في مراحلها الأولى. وفي ختام الحفلة أتاح الأستاذ حسين بافقيه، الذي أدار المناسبة برصانة لا تخلو من مرح، الفرصة للمحتفى به ليقول الكلمة الأخيرة، فجاءت مؤثرة ومشحونة بروح المحبة والولاء لهذا البلد،"تقولون بلدك الثاني، وأقول بلدي الأول". بهذه العبارة التي تهدج بها صوته وهو ينطقها، ختم الدكتور محمد صالح الشنطي كلمته، قائلاً إنه لم يعد قادراً على الكلام، من فرط ما غمره به الجميع، وبخاصة المبدعين الشعراء والقاصين من أبناء مدينة حائل، الذين حضروا للمشاركة في التكريم.