احتشدنا مذهولين أمام شاشات التلفزيون، لنشاهد الفظائع، لم تكن صوراً لدمى أو حتى"باربي"أو"فُلّة". إنها أشلاء آدمية لأطفال"قانا"من بينهم صورة مروعة لجثة طفل لا يتجاوز عمره أشهراً، وقد لوّحها الغبار، وهي تُستخرَج من تحت الركام والتراب، ولا تزال"المصّاصة"معلقة على ملابسه. هذه جريمة حرب أخرى ستمر من دون أن ينال المجرم عقابه. وها هي إسرائيل تصر على مواصلة عدوانها العسكري على لبنان، على رغم الإدانة والانتقادات الدولية للقصف الوحشي على"قانا"، وعلى رغم كل شيء فإن إسرائيل ماضية في تصميمها على فعل أي شيء، من دون حساب أو عقاب سوى انقلاب للإعلام الغربي على السياسة الأميركية، وكأنما كنا بحاجة إلى قتل 36 طفلاً ليفعلوا ذلك. هل تعرف مبرراً لهذه الجريمة النكراء في"قانا"؟ إليك إذاً بعضها على عجل: الصحافة الإسرائيلية تلوم جيشها على ضعف استخباراته في المنطقة بالدرجة التي تمكّنها من تنفيذ غارات بها مجازفة عالية من هذا النوع، وهي واثقة في أنها ستحدّ من الخسائر في صفوف المدنيين، ونحن هنا ندعو إلى أن تكون إسرائيل أكثر حرصاً وأكثر اطلاعاً استخباراتياً بشأن ما تسعى إلى إنجازه! خطأ في"قانا"لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي إيهود أولمرت ووزير دفاعه عمير بيريتس مدنيان، وليست لديهما خبرة عسكرية على الإطلاق، ما تسبب في حدوث هذا الخطأ، كونهما قائدين غير مقتدرين وقت الحروب. وجنرالات إسرائيل ربما يستغلون غياب الخبرة العسكرية لقادتهم، ونحن نتمنى من الإدارة الإسرائيلية أن تشن حرباً تكون مستعدة لها من الناحية الإدارية! الجيش الإسرائيلي بدوره يقول إن لديه أدلة على أن عناصر حزب الله كانت تستخدم موقعاً بعد نحو 9 أمتار - 18 متراً تقريباً من موقع المبنى الذي قُصِفَ في قرية"قانا"، ما يعني أن نطلب من الأطفال اللبنانيين الابتعاد من أي مكان مشبوه مسافة لا تقل عن 100 متر، وإلا فإن قنابل ال"إف ? 16"الإسرائيلية ستمزق أشلاءهم، خصوصاً إذا حملوا أجهزة حساسة يستخدمها"حزب الله"، كالمصّاصة مثلاً! الإسرائيليون تبنّوا في تصريحاتهم للصحافة الأميركية نظرية التحذيرات التي قُدمت إلى سكان المنطقة، خصوصاً سكان"قانا"قبل أيام لمغادرة البلدة، وفات على الصحافيين أن يسألوا إلى أين؟ فكل الطرق مدمرة، وحركة السكان مشلولة، وقد يفرون من الموت إلى الموت، كما حدث في"مروحين".