لم تحدث مجزرة قانا التي راح ضحيتها 60 لبنانياً بينهم 37 طفلاً، أي تغيير في حماسة الإعلام العبري للحرب، فجاءت تعليقات كبار الصحافيين أكثر تشدداً من الوسط السياسي، مشددة على ضرورة عدم"الانحناء"أمام الضغوط الدولية لوقف الحرب. وحرص الاعلام على عدم المساس ب"البقرة المقدسة"، أي الجيش الاسرائيلي، بل أعلنت الصحف العبرية دعمها لقادة المؤسسة العسكرية وللجنود في جبهة القتال. وكتبت"يديعوت احرونوت"في صدر صفحتها الأولى:"اسرائيل تخنع الى ضغط أميركي لتجميد القصف الجوي". واعتبرت هذه الصحيفة الأوسع انتشاراً قبول رئيس الوزراء ايهود اولمرت اقتراح وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس وقف الهجوم الجوي"انحناء وانبطاحاً"و"قراراً مستهجناً"، فيما طمأنت صحيفة"معاريف"قراءها، على لسان اولمرت، الى أن الحرب ستتواصل. ورأت أن الحرب لم تنته بعد بل هي الآن قبل ذروتها. واختارت قنوات التلفزة الاسرائيلية صور المجزرة بعناية، فلم تظهر جثث الاطفال وأشلاء الجثث المتناثرة. وتجندت لإبعاد مسؤولية المجزرة عن الجيش ولم تعتبر قصف قانا مأساة انسانية بقدر ما اعتبرتها مأساة اعلامية لاسرائيل"قد تكلفها ايضاً وقف الحرب بعكس رغبة الدولة العبرية". وتناوب عسكريون وسياسيون واعلاميون في تبرير الجريمة. واعلن القائد السابق للمنطقة الشمالية في الجيش الاسرائيلي الجنرال يوسي بيلد أن"ضميرنا نقي وأيادينا نظيفة"، في حين"تمسّك"الوزير اسحق هرتسوغ بالقانون الدولي"الذي يقف الى جانبنا في مثل هذه الحالات". وحاول الناطق العسكري السابق نحمان مشاي تخفيف وطأة الجريمة بالتذكير بأن الأميركيين المثال الأعلى للاسرائيليين ارتكبوا أخطاء مماثلة في العراق وافغانستان. ودعا المعلق العسكري في"يديعوت احرونوت"اليكس فيشمان الحكومة الى عدم التأثر بما جرى في قانا ومواصلة الحرب"التي اعلنتها لتحقيق أهداف حيوية لوجودها ... لأن غير ذلك ستكون الأثمان التي تدفعها اسرائيل غير محتملة. واذا فشلت سيكون من غير الممكن العيش في الشرق الأوسط!".