التأسيس للمستقبل يحتاج إلى قدرة ونظرة طويلة الأجل، وتصور إلى أفق أرحب، بل ونظرة بعيدة المدى كنظرات زرقاء اليمامة، وجامعة القصيم هي النموذج الطيب للحلم الذي كان يراودني بتأسيس جامعات على هذا الطراز، حيث الجامعة بتكويناتها انعكاس لحال مجتمعية قائمة. كنت أشاهد منذ سنوات طويلة التلفزيون وهو يقدم شرحاً عن جامعة الإمام محمد بن سعود عند تأسيسها، وقفزت إلى ذهني خاطرة، لماذا لم تؤسس جامعات في السعودية على غرار جامعة الأزهر في مصر العروبة؟ لنجد بحق جامعة تشمل الدراسات النظرية والعلمية من طب وهندسة وكل الأقسام العلمية فيها، فلماذا تقتصر جامعة الإمام فقط على الكليات النظرية؟ أليس من الأفضل أن تتطور وتصبح جامعة شاملة؟ فالجامعة هي التي تجمع كل التخصصات، فلماذا هذا التشتت؟ والسؤال نفسه مطروح بشأن جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، لماذا تقتصر على الكليات الهندسية والإدارة الصناعية وما شابهها؟ ولماذا لا نجعلها جامعة تشمل جميع الكليات؟ وباعتباري واحداً من أبناء منطقة الجوف، أتطلع كما يتطلع أبناء المنطقة إلى تأسيس الجامعة المزمع إنشاؤها على هذا المنوال من الآن، لا سيما أن الأرض المخصصة لها كبيرة، وبالإمكان إنشاء جميع الكليات فيها، كما هو الحال في جامعة القصيم الجديدة، فالمنطقة تحتاج إلى كلية شريعة وكلية اللغة العربية وكلية الآداب، إضافة إلى كليات الطب والهندسة والحاسب الآلي وغيرها، لتضم الجامعة جميع التخصصات، فتصبح الجوف منطقة جذب وليست منطقة طرد، فأبناؤها كلهم تعلموا التعليم الجامعي والعالي خارج المنطقة وخارج المملكة، ما عدا خريجي كليات المعلمين والمعلمات. ووجود الجامعات يدل دلالة طيبة على مكانة البلاد، ويتيح فرص عمل كبيرة، ويحد من شبح البطالة بين الشباب، علاوة على علاج الخلل الذي حدث بعدم وجود فرص دراسية كافية، ما أدى إلى خروج بعض أبناء المنطقة إلى خارج المملكة للدراسة الجامعية، أو خروج البعض ممن لم تتح لهم الدراسة إلى أصقاع العالم، فخرجوا إلى أماكن قد لا يتاح فيها الفكر الأصيل، القائم على التأصيل الشرعي العلمي الرصين. إن سلة المملكة الغذائية هي منطقة الجوف، لوفرة المياه والأرض الخصبة، وعلى رغم أن البنية التحتية للمنطقة ما زالت تعاني بعض النقص، لكنها تتطلع إلى مشاريع إنمائية مقبلة، وإن شاء الله ستتحول تلك التطلعات إلى واقع. فالجوف تنتظر الشتاء متى يحل، وتستعجل الأيام لتعانق ملك القلوب والإنسانية وولي عهده، ووصوله إلى المنطقة سيضفى دفئاً على شتائها، لا سيما أنه ثاني ملك يصل إلى المنطقة بعد الملك سعود -يرحمه الله - ولهذا معنى كبير لدى أبناء المنطقة، ونحن سنستقبله بكل مفردات الترحيب والطاعة والولاء والوحدة الوطنية التي تملأ قلوب الجميع وعقولهم. مطارد الدغمي [email protected]