الإدارة مجموعة من العمليات التي تشمل التخطيط، التنظيم، التنفيذ، التحكم والمتابعة، وغيرها من التفاصيل التي تهدف إلى التسيير المنظم لشبكة معقدة من الأشخاص والتكنولوجيا، بينما القيادة مجموعة من العمليات التي تهدف إلى خلق المنظمة وتشكيلها، بهدف التأقلم والاستعداد الدائم للتغيير المقبل أبداً. فالإدارة تقوم بأعمال التخطيط، وتضع الموازنات والخطوات المفصلة، وتحدد الموارد اللازمة لذلك للوصول إلى النتائج المرجوة، بينما القيادة تطور الرؤية للمستقبل البعيد، والاستراتيجيات اللازمة لإحداث التغيير الذي يؤمن هذه الرؤية. والإدارة تنظم شؤون العمل والعاملين، وتدير العمليات الخاصة بالعمل، وتضع القوانين والإجراءات اللازمة لذلك، وتشرف على حسن تسيير العمل، بينما القيادة تعمل على توضيح الرؤية وآليات التغيير، التي تؤدي إليها وتسهم في إيجاد البوصلة، التي تعين الأشخاص والفرق العاملة على معرفة مواقعهم وإسهامهم في تنفيذ هذه الرؤية والاستراتيجيات المرتبطة بها. والإدارة تقوم بمتابعة شؤون العمل والعاملين، وتشرف على الالتزام والتنفيذ، بينما القيادة تقوم بشحذ الهمم، ودفع الفرق لتخطي المصاعب التي تواجه التغيير، وإيجاد الحوافز التي تربط الفرق بالأهداف الاستراتيجية، وتخلق الفخر بالانتماء وتحقيق هذه الأهداف. فبينما تقوم الإدارة بالعمل المنظم لتحقيق الأهداف قصيرة المدى، فإن القيادة تهدف إلى إحداث التغيير المستمر في آليات العمل، وفتح الأبواب أمام الإمكانات الجديدة والإبداع، لتحقيق أهداف الاستراتيجيات البعيدة، والفرق الأساسي بينهما أن اعتناق المديرين لأسلوب الإدارة فقط، يؤدي بهم عند تحقيق النجاح، إذا حصل، إلى التوسع إلى درجة أنهم يصبحون منشغلين داخلياً في التحكم بشركاتهم، بما يخلق آليات لا يمكن وضعها إلا في إطار البيروقراطية، ومن ثم نشوء ثقافة انعزالية داخل المنظمة تعزل نفسها عن العملاء، وتقتل روح الإبداع لدى الموظفين. هذه الثقافة تفشل في دحر التلكؤ داخل المنظمة، وينشغل العاملون بالحفاظ على الوضع المقبل، وتنعدم الرؤية والاستراتيجية لديهم، ويتم سلخ المسؤوليات عن الموظفين وإضعافهم ما يفضي إلى الانحدار والسقوط، والأدهى من ذلك أن محاولات الإصلاح والنهوض تصبح مكلفة، وقد لا تنجح أبداً. من هنا يتبين لنا أن الإدارة من دون قيادة قد تنتهي إلى سكون وانكماش في المنظمة، وأن رياح العولمة، التي تهب علينا من كل حدب وصوب، لن تترك أحداً بالتغيير الذي تحمله، والذي يتطلب تجاوباً وديناميكية لا يوفرهما إلا الإدارة القيادية التي تؤمن التغيير الناجح والمستمر والمتحرك. [email protected]