من المعروف عن العديد من المنظمات أو المؤسسات الصحية ممارساتها الأخلاقية بالنسبة لموظفيها ومرضاها، وطبعاً هناك غيرها ممن لا يكترثون بذلك ولا يتورعون عن عمل أي شيء حتى لو كان لا أخلاقياً أو غير قانوني. وقد رأينا أخيراً الحكم الصادر على اثنين من أكبر التنفيذيين في شركة انرون لم يتورعا عن التلاعب بأموال ومدخرات عشرات الألوف من المساهمين لأهدافهم اللاأخلاقية واللاقانونية. فما الذي يفرق بين هذين النوعين من الممارسات سواء على مستوى المديرين أو المنظمة ككل. يعتقد غاريث جونز أن اختلاف الأخلاقيات بين المديرين، الموظفين، الشركات وحتى البلدان يعتمد على أربعة أنواع منها: الأخلاقيات الاجتماعية، الأخلاقيات المهنية، الأخلاقيات الفردية والأخلاقيات التنظيمية والإدارية، خصوصاً تلك المتعلقة بكبار المديرين في الشركات. وهذه الأخيرة هي مجموعة الممارسات والمعتقدات الإدارية التي تقوم من خلالها إحدى الشركات ومديروها بتصور وتطبيق مسؤولياتها تجاه كل من يتعامل معها سواء كانوا مساهمين أو مراجعين أو موظفين أو موردين. وتؤثر الأخلاقيات الفردية لمؤسسي الشركات ومديريها التنفيذيين بشكل خاص في بناء الإطار والسلوك التنظيمي لهذه الأخلاقيات في شركاتهم. وإحدى هذه الأطر هي إظهار الاهتمام الجدي بالمجتمع المحيط بالشركة والذي هو جزء من مسؤوليتها الاجتماعية، ويأتي المرضى في مقدمة هؤلاء في القطاع الصحي. ومن مسؤوليات المديرين في هذا المجال التركيز على استبعاد الممارسات النفعية واللا أخلاقية، والإيضاح بما لا يقبل الشك عن عدم تحمل أو قبول الموظفين الذين يقومون بهكذا ممارسات، واتخاذ الاجراءات اللازمة في حقهم، وهذه إحدى المسؤوليات الاجتماعية الأساسية للمديرين التي يتفرع عنها واجبات ومهام يتحتم على المديرين الالتزام بها والاهتداء إلى أفضل السبل لتطبيقها ومنها إعطاء الفرصة للعاملين للتقدم والتطور مهنياً وعلمياً لاستمرار انتاجهم، السماح للعاملين بالراحة اللازمة وتأمين الرعاية الصحية لهم والميزات التعويضية التي يكفلها لهم القانون على الأقل، المساهمة في الأعمال الخيرية للمجتمع ودعم النشاطات التي تؤدي إلى ذلك، المحافظة على البيئة، دعم القيم والأخلاقيات والممارسات التي يقدرها المجتمع، ويرى فيها إطاراً وأسلوباً للحياة وأخيراً وليس آخراً المساهمة في تطور عمل الشركة إيجابياً وتوظيف أكبر عدد ممن لها حاجة فيهم. ويأتي كل ذلك مترافقاً مع أفضل خدمة ممكنة لعملائها والسعي لنيل رضاهم. والسؤال هو: لماذا الحرص على التصرف بحس المسؤولية الاجتماعية ؟ والجواب، أولاً: أنه من شأنه المساعدة في بناء السمعة الحسنة التي هي الثقة والصدقية التي يضعها الناس في الشركات التي يتعاملون معها والتي تقود إلى زيادة التعامل والربحية، أما الثاني: فهو أن المسؤولية الاجتماعية تعني الاعتناء بالموظفين والعاملين في الشركة وكذلك عائلاتهم وتقديم المزايا الصحية والاجتماعية والمالية لهم، وإذا اتبعت كل الشركات هذا الأسلوب فمن شأن ذلك رفع مستوى المعيشة للمجتمع بشكل شامل. وأخيراً فإن المسؤولية الاجتماعية تعكس قيم وآداب المجتمع ككل، ولدى انتشارها بين الشركات والمنظمات، فمن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى إحساس مشابه في المجتمع وهذا ما يراه العديد من المحللين في بلدان كسويسرا واليابان وهولندا وألمانيا، إذ تقل نسبة الجريمة والفقر والبطالة وترتفع القيم الاجتماعية ونسبة التعلم. وسنقوم في مقال آخر إن شاء الله بطرح أمثلة فعلية عن ممارسات صحية أخلاقية ومقبولة تتسم بحس المسؤولية الاجتماعية ونطرحها للمقارنة مع ما هو غير ذلك. [email protected]