على رغم انشغال اللبنانيين هذه الأيام بتأمين مأوى آمن لأنفسهم وأطفالهم، يحميهم من الحمم والقذائف التي تطلقها القوات الاسرائيلية في كل اتجاه، إلا أن خبر تقديم المملكة العربية السعودية مساعدة قيمتها 50 مليون دولار، كان له وقع جيد عليهم، سياسياً وشعبياً. وعلى الصعيد الشعبي، فالناس شكروا للسعودية هذه المعونة، وأعربوا عن الأمل في أن تلعب دوراً في استصدار قرار دولي يوقف القصف الإسرائيلي، ويضع حداً للموت المتنقل بين الأحياء والقرى. وعلى أية حال، فإن الحديث مع الناس في بعض شوارع بيروت غير ميسر، ومن تلقه ماشياً على قدميه، فإنه خرج لقضاء حاجة ضرورية أو لشراء ما يقتات به مع عائلته من بقالة قرب منزله. واقع مليء بالقلق والخوف، إن لم يكن من وقع الصواريخ والقذائف، فمن دويها الذي يرج منازل بيروت ويصم الآذان. وفي خضم هذه الحال، تجد الناس جميعاً عارفين بما يدور حولهم في شوارع مدينتهم، ولا يتوانى من يقبل الحديث عن تقديم تحليلات أمنية وسياسية لما يجري حوله. قال محمد صالح، وهو بيروتي غير منظم وإن كان يؤيد عمليات حزب الله:"نحن نشكر للمملكة العربية السعودية هذه المساعدة المالية، لكننا نحتاج أكثر إلى موقفها السياسي المساند في هذه المرحلة الحساسة والخطرة، وأن تمارس ثقلها لدى الدول، لاسيما أن لها كلمة مسموعة في كل المحافل الدولية". وأضاف:"نحن لا نشكك في الموقف السياسي للمملكة الداعم للقضايا العربية، لكننا نأمل بأن تساعدنا الآن في حماية البشر، ولاحقاً في إعادة بناء الحجر". وعندما قيل له إن السعودية تقوم حالياً بمساع سياسية وديبلوماسية مكثفة للحد من العمليات العسكرية، قال:"نحن نعلم مكانة المملكة العربية السعودية في العالم، ونأمل بأن تؤدي مساعيها إلى ما فيه خير هذه الأمة". أما محمود شكيب، وهو متقاعد، فيبدو معارضاً بشدة للعمليات العسكرية"لأنها لم تجر علينا سوى الدمار". وقال:"نحن نشكر للسعودية مساعداتها المالية، لكننا نحتاج الى مساعدتها السياسية على المستوى الدولي أيضاً، لتوقف اسرائيل عمليات القتل والدمار، لئلا يقع مزيد من الضحايا المدنيين، لأن الإنسان عندما يموت لا تنفعه ملايين الدولارات، ونحن في بلد صغير نحتاج الى مساعدة المملكة لوقف هذا الدمار من خلال موقعها في العالم، ونأمل منها أن تستخدم هذا الموقع لدى الأممالمتحدة والولايات المتحدة الأميركية، لوقف آلة القتل الاسرائيلية". أما مها، وهي موظفة في بنك، فقالت:"السعودية تتبرع للبنان دائماً ونشكرها على كل ما تقدمه لنا"، واستطردت:"نحن في حاجة الى وقوف كل الدول العربية الى جانبنا مادياً ومعنوياً، فالوقوف المعنوي حالياً ضروري، ونحن في حاجة إليه، أما ما يتعلق بالمساعدات المالية فحاجتنا إليها كبيرة جداً، لأن إعادة بناء ما دمرته الطائرات الحربية الاسرائيلية تحتاج الى بلايين الدولارات، ووقوف المسلمين الى جانبنا ضروري، لأن المسلم للمسلم يشده كالبنيان المرصوص".