لعب العمد في حفر الباطن دوراً كبيراً في حياة المواطنين والتأثير في سير معاملاتهم، بطريقة سلبية أو إيجابية بحسب الإحساس بالمسؤولية من جانبهم. ويوجد في المحافظة ما يقارب الخمسة عمد، والغريب عدم وجود عناوين ثابتة أو معروفة تشير إلى مقارهم، ما يجعل مهمة البحث عنهم صعبة لكل صاحب حاجة. وفي الفترة الأخيرة تقلص دورهم نتيجة قرارات وزير الداخلية، التي نصت على إمكان اعتماد عدد من المعاملات من دون توقيع العمدة، ما أدى إلى حالة من الفرح لدى المواطنين، الذين كانوا يرون في الوضع السابق تعقيداً يمارسه بعض العمد. ويوجد في حفر الباطن 13 حياً، ويسيطر على الأختام فيها خمسة من العمد، يمارسون أعمالهم في مقر شرطة حفر الباطن، وليست لهم أوقات عمل معروفة، فهم يختارون التوقيت الذي يناسبهم من دون مراعاة لظروف الآخرين الذين تبقى معاملاتهم معلقة إلى حين حضورهم. ويحتدم صراع بين شيخ القبيلة والعمدة في بعض الأحيان، فكل منهما يدعي أولويته ببعض الصلاحيات، كأن يصر الشيخ على أنه أولى بها، لكونه يعرف جميع أبناء القبيلة، بينما يرى العمدة أنه مسؤول عن أبناء الحي، وإذا أقبل أحدهم يطلب توقيعاً فدوره يقتضى منه التوقيع من دون النظر إلى انتمائه القبلي. وحدثت نتيجة هذا التداخل في المهام صدامات بين شيوخ قبائل وعمد، قبل أن تتدخل المحافظة لحلها. ويقول عمدة حي العزيزة صالح المطيري إن"دور العمدة في المقام الأول يجب أن يكون لخدمة أبناء الحي، وعليه أن يسخر وقته لخدمتهم"، وبسبب إيمانه بهذا الدور قام المطيري ببناء مقر ثابت ملحق بمنزله، وجهزه بمكتب متكامل الخدمات، إضافة إلى تعليقه لافتة كبيرة تحدد مكانه، بتكلفة قدرها بنحو 100 ألف ريال من حسابه الخاص، ويعتبر الوحيد بين بقية العمد الآخرين الذي سلك هذا الاتجاه. ويشير المطيري إلى أنه"لاقى صعوبات مع البعض عندما اعتمد تلك الخطوة"، ويقول:"لجأت إلى تلك الخطوة تطبيقاً لقرار ينص على أن يكون مقر العمدة في وسط الحي، وأن تعلق لوحة تشير إليه"، ويضيف:"على رغم تقلص دور العمد في الوقت الراهن، إلا أن جهات حكومية تصر على اعتماد تواقيعهم، والغريب في الأمر أن مصرفاً تجارياً رفض فتح حساب إلا بعد الحصول على ختم العمدة". ويذكر أنه يقوم بختم ما يقارب العشرين معاملة في اليوم، ويقول:"يفترض أن تغني بطاقة الأحوال عن ذلك". ويلفت المطيري إلى"عدم ثبوت تقاضي أجر مادي على أي من عمد حفر الباطن لقاء قيامهم بعملهم". ولم يبدِ تخوفاً من إقبال أصحاب الشهادات الجامعية على منصب العمدة، موضحاً"أن الشهادة ليست معياراً في النجاح، بل القدرة على التواصل والتفاهم مع الآخرين بالحسنى والإحساس بالمسؤولية". وتدخل التوزيع السكاني بين أحياء المحافظة في توسيع دائرة التنافس على تعيين العمد، خصوصاً مع وجود أحياء تتميز من حيث تركيبتها السكانية بسيطرة إحدى القبائل بنسبة كبيرة، ما أدى إلى مطالبة البعض بأن يكون عمدة الحي من أحد أبنائها، باعتباره الأقدم وجوداً، ودور العمدة يعتمد على قدرته في معرفة كل أبناء الحي.