في ذلك الصباح غير العادي، تخرج مجموعة من الطالبات من سكن الجامعة بقصد التوجه إلى الجامعة عبر الحافلة الخاصة بهن، لكن المشرفة ترفض، فجدول اليوم ليس فيه محاضرات على حد تعبيرها، على رغم تأكيدات الطالبات بأن الجدول لديهن وها هو يثبت كلامهن. يزداد رفض المشرفة، ويزداد انزعاج الطالبات فالمحاضرات مهمة والدكتورة المحاضرة لن ترضى بأن يغيب لديها أي من الطالبات، وعلى رغم ذلك"يمشي كلام المشرفة"ويتم حرمان الطالبات من دخول الاختبار للمادة. الموقف الثاني، في يوم آخر، هناك فجوة في أحد الجدران. الطالبات يصرخن:"الفجوة تزيد رعبنا، هل من أحد يشعر بذلك ويقدم طلباً لإصلاحها؟"مديرة السكن ليست هنا، فمعظم أيامها وهي في إجازة ولا تأتي إلى نادراً، والمشرفات لا يقطعن خيطاً أقصد لا يفعلن أمراً إلا بوجود المديرة، أو بقرار خطي منها، وكأن هؤلاء الطالبات في سجن. الموقف الآخر، سائق الحافلة جديد هندي لا يعرف الإنكليزية ولا حتى العربية، يهز رأسه يميناً ويساراً فتضيع منه معالم طريق العودة من وإلى سكن الطالبات. كيف يذهبن للجامعة، أو كيف هو طريق العودة؟ بإمكانك أن تسألهن عن مدى المعاناة التي يجدنها في طريق الذهاب والإياب! الجوال ممنوع، والكلام مع الأهل ممنوع والسؤال عن أحوالهم ممنوع، وربما مطلوب نسيان أن لهن أهلاً بحجة أنهن في السكن الآن والدراسة أهم من هذه العلاقات الأسرية التي لا تسمن ولا تغني عن الدراسة والنجاح! علماً أن المشرفات يزرن أهلهن يومياً ولا يستغنين عنهم أبداً، أليس للطالبة مشاعر وأحاسيس؟ أم أنها قدّت من صخر في نظر مشرفاتنا العزيزات فنسيت الروابط، ونسيت عناوين أهلها وأسماءهم؟! الاتصال مع مدير الجامعة لسؤاله عن هذا الموضوع وهذه الشكوى لم يأت بنتيجة. فالجميع مشغول والهواتف كأنها خارج الخدمة دائماً! وسكن الطالبات ينتظر، والطالبات أنفسهن ينتظرن حلاً لمشكلاتهن العديدة، لكن لا حياة لمن تنادي، ولا صوت يسمع منهن، ولا مديرة تفهم حاجاتهن، لا مشرفات يعرفن مدى ضرورة وجودها معهن. والنتائج مفرحة في نهاية العام، فهناك المقبول، وهناك من تبق للإعادة، وهناك أيضاً من تترك الدراسة نهائياً، لتعود إلى أهلها الذين نسيت أشكالهم وأصواتهم وربما عناوينهم من كثرة الغياب القسري والتعسفي و.... و...... و..... ويا سلام عليك يا مديرة.