حاول اختصاصيون تقويم وتشخيص مشكلات سوق الأسهم، لكنهم لم ينجحوا في الإجابة كثيراً على تساؤلات حائرة في أذهان أكثر من 500 شخص في مبنى غرفة تجارة وصناعة جدة أول من أمس. وركز الاختصاصيون على القواعد العامة في الاستثمار في سوق الأسهم، وكيفية صناعة القرار الاستثماري. وأكد رئيس الملتقى المستشار المالي فيصل صيرفي"أن ما تشهده سوق الأسهم من تذبذبات وتغيرات غير مبررة تفسرها الرغبة الطبيعية لدى المستثمرين في تحقيق الأرباح، وهذا ليس بالأمر الخاطئ ولكن يجب الوعي بالمخاطر التي تحيط بقراراتهم الاستثمارية والاستراتيجية، التي يجب أن يتم على أساسها اتخاذ تلك القرارات وما يتبعها من تحمل أولئك المستثمرين نتائج استثمارهم". وقال الصيرفي:"انخفض مؤشر سوق الأسهم السعودية في شكل ملحوظ منذ نهاية شباط فبراير الماضي، وتجاوز انخفاضه في مرحلة معينة أكثر من 50 في المئة، ولا يزال أداؤه يتذبذب منذ ذلك الحين وحتى اللحظة التي أخاطبكم فيها، وفي اعتقادي إنه لا ضير في ذلك، إذا استفدنا مما حصل في التعرف على أنجع السبل لتجنب ما حصل في المستقبل". وشدد قائلاً:"إن سوق الأسهم مجال للاستثمار، والاستثمار يتضمن نظرة مستقبلية وخططاً طويلة الأجل، قد تتحقق فتزيد قيمة الاستثمار، وقد لا تتحقق فتنخفض قيمة الاستثمار، إن الالتزام باستراتيجية استثمارية مناسبة بهدف تحديد أهداف محددة مسبقاً، والتحلي بالصبر هما السبيل لكي نصل إلى تلك الأهداف، وهذا هو مكمن الاختلاف بين الاستثمار والمضاربة". وأضاف:"إن الخطوة الأولى نحو تطبيق مبدأ الاستثمار هي اتباع أسس تقويم أداء الشركات وهي: تحليل الأداء التاريخي للشركة، وتحليل القطاع الذي تعمل به الشركة، ودرس المشاريع المستقبلية التي تنوي الشركة تنفيذها في حال وجدت تلك المشاريع، أو تحليل الأداء المستقبلي للشركة في ظل المعطيات الاقتصادية العامة والأخرى الخاصة بالقطاع أو مجال نشاط الشركة". بدوره، شرح عميد كلية الأمير سلطان الدكتور ياسين الجفري بعض الجوانب الاقتصادية المهمة المرتبطة بسوق الأسهم، وقال:"عادة ما يهتم المتعاملون في سوق الأسهم السعودية بالربط بين الاقتصاد وأداء سوق الأسهم، وفي الفترة الماضية جرى نوع من الخلاف حول أداء السوق السعودية للأسهم، المعاكس للأوضاع الاقتصادية السائدة في السعودية". واعتبر أن العلاقة بين أداء سوق الأسهم والاقتصاد ناجمة عن أن الطلب على منتجات الشركات في ظل تحسن الأوضاع الاقتصادية يرتفع، وبالتالي ترتفع معه ربحية الشركات وتنمو، ومعها ينمو سعر السهم في السوق، والعكس صحيح. وقال:"بمعنى أن الطلب على منتجات الشركات في ظل تدهور الاقتصاد ينخفض ومعه تنخفض ربحية الشركات ومعها يتجه سعر السهم للانخفاض، وتختلف حدة وضعف العلاقة بين الاقتصاد وأداء الشركات في السوق بحسب حساسية الشركات للدورة الاقتصادية، إذ نجد أن هناك شركات الطلب فيها أقل تذبذباً مع تغير مراحل الدورة الاقتصادية من تحسن وتدهور". وقال الجفري:"عادة ما يمر أي اقتصاد بأربع مراحل من مراحل الدورة الاقتصادية، إذ يتحسن الأداء في مرحلتي الانتعاش والازدهار، ويتدهور الأداء في مرحلتي الكساد والتضخم، وتمر المراحل الاربع متتالية من كساد مثلاً إلى انتعاش فازدهار فتضخم، في دورة كاملة يليها بدء دورة أخرى". وقال في الشأن ذاته:"يتم استنباط مراحل الدورة الاقتصادية أو دورة رجال الأعمال من خلال مؤشرات اقتصادية عدة، أهمها العرض النقدي والناتج المحلي الإجمالي ونسبة البطالة والطلب على السلع المعمرة والإسكان، ومع مراحل التحسن الاقتصادي يتوقع نمو العرض النقدي والناتج المحلي الإجمالي وأخيراً مستوى الأسعار في سوق الأسهم، وتركز الحديث وبحسب الجدول على أن هناك تحسن وانتعاش، وبالتالي يعيش الاقتصاد السعودي فترة جيدة بكل المقاييس". في حين يرى استشاري الطب النفسي الدكتور محمد الحامد، أن الثقة في السوق من المسائل المعقدة، فالإنسان بطبعه يحتاج إلى فترة زمنية طويلة لبناء الثقة في الآخر، ولكن هذه الثقة يمكن لها أن تتزعزع وتفقد في فترة زمنية وجيزة، وهذا كله بسبب غريزة الخوف والحذر الموجودة في دواخلنا. وتناول الحامد مصادر الثقة ومؤشراتها في سوق المال، كما سلط الضوء على الطريقة المناسبة لاتخاذ القرار الاستثماري وتأثير شخصية الفرد في هذه القرارات، وتطرق إلى أنواع الشخصيات وعلاقتها باتخاذ القرار، كالشخصية الاندفاعية والشخصية الانضباطية والشخصية الشكاكة والشخصية السيكوباتية. وتطرق إلى آلية القلق في داخل الإنسان، مبيناً أهمية وجود نسبة معقولة من القلق في حدود ضيقة لا تؤثر في الأداء سلباً وإيجاباً، وأشار الحامد إلى الدور المهم الذي يلعبه صناع السوق في استقرار السوق او عدم استقراره، من خلال التركيز على الحاجات الإنسانية المختلفة للمتداولين في السوق كباراً وصغاراً، وبين أن هذه الحاجات تتفاوت في شكل كبير بين حاجات فسيولوجية أساسية في أسفل السلم، وحاجات تحقيق الذات ومفاهيم النفوذ والسلطة وعلاقتها برأس المال. وانتقد الحامد الأداء السيئ للبنوك وأنظمة التداول، مؤكداً أنها من ضمن العوامل المزعزعة لاستقرار السوق، مشيراً إلى ضرورة محاسبة البنوك جراء ما تسببه من خسائر للمتداولين، لاسيما في ظل العوائد والأرباح المجزية للبنوك من خلال عمولات البيع والشراء.