يطلق اصطلاح «الأموال الذكية» على الأموال التي تبحث عن فرص توظيف استناداً إلى الأساسيات الاقتصادية والمالية والاستثمارية، خصوصاً في أوقات الركود أو أوقات كساد الأسواق وانخفاض الثقة في الاستثمار في أسهم الشركات المدرجة، إذ تنخفض أسعار أسهم بعض الشركات التي تتميز بمؤشرات ربحية ومؤشرات مالية، إلى ما دون قيمتها العادلة. ويسهل شراء كميات ضخمة من أسهم الشركات المدرجة عندما تنخفض الثقة في الأسواق المالية وبأسعار مغرية، وغالباً ما تكون أقل من سعرها المعلن في الأسواق، بينما يصعب شراء هذه الكميات بأسعار جاذبة عندما تنتعش الأسواق نتيجة ارتفاع حجم الطلب ومحدودية عروض البيع. وكان للأزمات الاقتصادية والمالية والاستثمارية العالمية إضافة إلى الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة، تأثير واضح في أسعار أسهم الشركات المدرجة في أسواق المنطقة، فتراجعت الأسعار وقيمة التداولات بنسبة كبيرة نتيجة تراجع مستوى الثقة وارتفاع مستوى الأخطار. وتوافرت فرص استثمارية مهمة في معظم أسواق المنطقة وفي مختلف القطاعات في ظل تحسن أداء الشركات، خصوصاً خلال فترة النصف الثاني من العام الماضي والنصف الأول من العام الجاري، ما يعكس تحسن أداء العديد من القطاعات الاقتصادية بعد تعافيها من آثار الأزمة المالية العالمية. وفي المقابل، أدى تحسن ربحية الشركات المدرجة خلال الفترة مع استمرارية تراجع أسعارها السوقية، إلى انخفاض مضاعِف أسعارها السوقية وانخفاض القيمة السوقية إلى القيمة الدفترية، وهي مؤشرات مهمة يعتمَد عليها للحكم على جاذبية الأسعار. كذلك فإن ارتفاع ريع أسهم نسبة مهمة من الشركات المدرجة في أسواق المنطقة بعدما بادرت إلى توزيع أرباح نقدية على مساهميها خلال العام الماضي وهذا العام، أعطى مؤشرات مهمة للمستثمرين إلى تحسن أداء هذه الشركات وتحسن تدفقاتها النقدية وتحسن مؤشرات سيولتها. وتكون معظم الأموال الذكية عادة ذات أهداف بعيدة إلى متوسطة الأجل، فهي غير مخصصة للمضاربة السريعة، باعتبار ان العائد المتوقع أو المستهدف يتحقق خلال فترة زمنية ما بين متوسطة إلى بعيدة الأجل. وتعتبَر توقعات استمرارية تحسن الأداء من العوامل المهمة التي تعزز الطلب والاستحواذ على حصص مهمة من أسهم بعض الشركات المدرجة. ومن الصفقات الملفتة للانتباه في أسواق الإمارات خلال هذا العام شراء حصة مهمة من شركة «أرابتك» الإماراتية بأسعار مغرية من قبل مستثمر إستراتيجي. وساهم هذا الاستحواذ في مضاعفة سعر سهم الشركة فور إبرام الصفقة نتيجة الإقبال الكبير على أسهمها بعد انتشار معلومات أولية عن هذه الصفقة. ولوحِظ أخيراً استحواذ «بنك قطر التجاري» على ما نسبته 40 في المئة من رأس مال «البنك التجاري الدولي» الإماراتي، بعدما كانت هذه الحصة 16 في المئة من رأس المال بينما يجري في الأسواق تداول معلومات تشير إلى توقعات الإعلان عن صفقات استحواذ في بعض أسواق المنطقة يجري حالياً التفاوض على أسعارها وكميتها. * مستشار لأسواق المال في «بنك أبو ظبي الوطني»