لا يوجد إحصاء دقيق لعدد الفقراء في المملكة، لنعرف كم سيخدم الصندوق الاستثماري الذي أعلن عنه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مساء أول من أمس، في بشارة أخرى تضاف إلى انجازاته الكثيرة، ومفاجآته السارة لمواطنيه، كما أن إطلاق مصطلح"الفقير"على شخص بعينه لم يعد بتلك السهولة مثلما كان في سالف السنين، حيث كان تلاحم المجتمع وتواصله بعضه مع بعض يكشف أحوال الفقراء، حتى وان تعفف بعضهم، وبالتالي فإن هذا التلاحم يجعل الفقير في قائمة أولويات جيرانه وأقاربه، حيث"لا ينام احدهم شبعان وجاره جائع"، مصداقاً للحديث النبوي الشريف في هذا المعنى، إلا أن تقطع أواصر المجتمع حالياً، و"تلهي"الناس في بيوتهم بالتقنية، وانشغالهم عن التواصل الاجتماعي بينهم، يصعب معرفة الفقير في زحام المدن، وظهور كثير من"مدعي"الفقر في الطرقات العامة يتسولون الناس ليل نهار، من دون أن يعرف من يريد مساعدتهم عن أحوالهم شيئاً. وإذا كان تحديد"الفقير"أصبح صعباً في ظل"الانشغال"وتسارع وتيرة الحياة، لدرجة أن أصبح الجار لا يرى جاره، والقريب لا يرى قريبه، ربما لسنوات، فإن تغير"ستايل"الحياة العصرية، وانتقال سلع وخدمات كانت تدرج في قائمة الكماليات، إلى قائمة ضروريات الحياة المعاصرة، مثل"الجوال"و"مصاريف العلاج"و"ارتفاع كلفة المهور"، وغلاء أسعار المواد"الاستهلاكية"، في ظل ثبات الرواتب والدخول، أضف إلى ذلك أن المجتمع السعودي يتسم بارتفاع معدل الإعالة فيه، إذ وجد من بعض الدراسات أن الفرد السعودي يعول ستة أشخاص في المتوسط، من الأبناء أو الأبوين أو غيرهم من الأقارب، وهو ما يعني أن الدخل الفردي يقسم على ستة أشخاص، ومهما كان الدخل جيداً فإنه لن يكفي حاجة الستة ما لم يكن الراتب مرتفعاً، أو أن يكون للشخص مصدر دخل آخر يفي بمصاريف حياته ومن يعول، وهي الراكضة دائماً باتجاه الشمس. ولعل إنشاء هذا الصندوق يسهم من خلال عوائده المحققة، التي ضمنت الدولة عدم خسارتها، في دعم فئة"محدودي الدخل"، فلعل عوائده تكون مجدية لتحسين أوضاع هذه الفئة، بما يمكنهم بداية من امتلاك سكن مناسب ودخل ثابت، لمواجهة مصاريف المعيشة المتزايدة، وهو ما يجعل الحديث عن كيفية ادارة الصندوق بحيث يضمن تحقيق أرباح مناسبة، أمراً في غاية الحيوية. * اقتصادي سعودي