تحركت المصارف المحلية والشركات القيادية في سوق الأسهم السعودية، لتصحيح بوصلة السوق الاستثمارية، وتحقيق نسب ومعدلات جديدة، في توجه واضح نحو تصحيح السوق، ووضعها في المسار الصحيح، بعيداً من المضاربات الوهمية والارتفاعات غير المبررة، التي رافقت السوق خلال الفترة الماضية. وكشفت السوق للمرة الأولى بعد صدور قرار هيئة سوق المال، القاضي بخفض التذبذب إلى خمسة في المئة صعوداً وهبوطاً، عن قوة الرساميل المحلية في محافظ المصارف العاملة، التي وجهت قوتها للرفع من الأسهم القيادية، وبخاصة في قطاع المصارف، وشركتي الاتصالات والكهرباء، وعدد من الشركات الصناعية، في تحكم واضح في استثمارات السوق، بعيداً من توجهات المتلاعبين، الذين بدأوا في التراجع عن مواقفهم الهادفة إلى إخضاع هيئة السوق، ليستجيبوا للمتغيرات العملية داخل السوق. وأكد عدد من المحللين في السوق، أن ما يحدث في الأيام الثلاثة الماضية داخل السوق، خطوات إيجابية نحو تصحيح أسعار الأسهم، إضافة إلى تصحيح التوجهات الاستثمارية لدى المتعاملين داخل السوق. ويقول المحلل والمستشار المالي عبدالوهاب أبو داهش، إن تحرك المؤشرات بالشكل الإيجابي للمصارف المحلية، والعمل من خلال الشركات القيادية على الحفاظ على توازن السوق، سيكفلان التحول الإيجابي للاستثمارات، وتوجيهها نحو شركات لديها استثمارات حقيقية، بعيداً من مضاربات لا تعتمد على صدقية في تعامل الشركات، أو توجهات حقيقية للشركات العاملة والمدرجة في السوق. وقال أبو داهش إن التحرك القوي والمستمر من هيئة السوق المالية، وتوجهاتها الجديدة الأخيرة الأكثر ثباتاً واعتبارية، ساعدت السوق على تجاوز أزمته الحالية، والخروج بمؤشرات تعطي الرؤية الحقيقية للسوق، وتفعّل من وجود استثمارات بعيدة من المخاطرة غير المدروسة، مبيناً أن توجه الرساميل داخل السوق نحو الشركات القيادية، والابتعاد من شركات المضاربة، يشكل ثقلاً وتوازناً داخل السوق بالشكل المطلوب. من جانبه، قال المحلل المالي فيصل السعد، إن عشرة مصارف محلية بما تملكه من صناديق استثمارية، كانت قادرة على تجاوز أزمة السوق، وتحريك تلك الاستثمارات بما يتواءم وطبيعة المرحلة التي مرت بها، مؤكداً أن على المضاربين الكبار أن يعوا حقيقة واحدة، هي أن الهدف من التنظيمات والتشريعات التي تفرضها هيئة السوق المالية كافة، هو أن تتجه بالشكل الإيجابي لقيادة السوق، بعيداً من المغالطات التي تثار داخل أروقة صالات تداول الأسهم. وقال السعد أن المرحلة المقبلة ستكون خياراً حقيقياً أمام المستثمرين، لحماية رساميلهم من الضياع، من خلال التوجه نحو الشركات، التي تملك المقومات الحقيقية للاستثمار فيها، ولديها توجهات معلنة وملموسة، بعيداً من الإشاعات أو ما يفقد السوق قيمتها الحقيقية، في ظل ارتفاع جيد في معدلات الوعي لدى المتعاملين داخل السوق. ووفقاً لذلك، قال المحامي والمستشار القانوني ماجد محمد قاروب، إن تفهم المتعاملين للسوق أنظمة وقوانين وعقوبات هيئة السوق المالية، وما يمكن أن تفرضه من سياسات واستراتيجيات، تساعد المستثمرين والمتعاملين على دفع السوق بالاتجاه الصحيح، ما يلزم المتلاعبين بالتقيد بتلك الأنظمة، لإعطاء استثماراتهم المشروعية القانونية والمالية للاستمرار داخل السوق، بعيداً من التلاعبات والتضليل الذي سيضر السوق بشكل عام، والمساهمين بأنواعهم بشكل خاص. وأضاف أن السوق في حاجة مستمرة لتدخلات هيئة السوق المالية، لفرض الإيقاع المناسب على حركة التداولات، وعمليات البيع والشراء، حماية لمختلف الأطراف، والإصرار من خلال ما تملكه من سلطات في الأنظمة والقوانين، على إلزام كل القطاعات بالتحرك بالشكل الإيجابي داخل السوق. المتعامون في سوق الأسهم بدت عليهم رغبات التصحيح الفكري قبل المالي، من خلال انتقائهم الدخول في قطاعات وشركات، من المفترض أن تكون ذات صدقية عالية سواء من المشاريع، أو الرساميل الاستثمارية، والنظر بالشكل الواقعي في مستقبل بقية الشركات العاملة، البعيدة من أي أرباح محققة خلال السنوات الخمس الماضية، أو عدم قدرة البعض الآخر على توزيع أي أرباح للأسهم خلال السنوات العشر الماضية، وبالتالي، عدم قدرتها على تجاوز أي أزمة حقيقية لاستثماراتها، قبل إعادة حقيقية لهيكلتها الداخلية.