في الحوار المفتوح الذي نظمه نادي الرياض الأدبي، مساء الاثنين الماضي، لم يكن هناك شيء مفاجئاً ولا جديداً على الإطلاق، مما طرحه المثقفين باختلاف اتجاهاتهم وميولهم الكتابية، باعتبار أن كل مطالبهم ومقترحاتهم سبق أن نشرتها الصحافة الثقافية، لكن الحوار من جهة أخرى، كان مناسبة حقيقية لاجتماع عدد كبير من المثقفين، بخاصة أولئك الذين هجروا النادي منذ زمن طويل، وكان يصعب حضورهم من دون أن تكون هناك مؤشرات إلى حقبة ثقافية جديدة. واللافت هو حضور عدد من مثقفات مدينة الرياض، مثل القاصة والكاتبة الصحافية ليلى الأحيدب، والشاعرة والصحافية هدى الدغفق، خارج مبنى النادي في شبه إصرار على المطالبة بحقوقهن بأنفسهن، وليس عبر وسيط. وكانت الأحيدب والدغفق اتصلتا بالدكتور سعد البازعي، وأرسلتا إليه خطاباً تضمن تساؤلات، وطالبتا بإجابات عنها، ومن هذه التساؤلات: ما السبب في عدم دعوة المثقفات إلى الحضور والمشاركة في الحوار؟ وتساءلتا عن كيفية سعي الثقافة للتغير ومجتمع المثقفين ومؤسساتهم لا يحملون أي تغيير في رؤيتهم وتقديرهم للمثقفات". وذكرتا في الخطاب أنهما الآن تطرقان الأبواب التي طلب منهما وكيل وزارة الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز السبيل طرقها. وبدا واضحاً أن مجلس الإدارة الجديد يحظى بدعم عدد كبير من المثقفين والمهتمين، ما يمكن معه فتح نافذة على مستقبل جيد للمشهد الثقافي في مدينة الرياض. وكانت المداخلات والمقترحات التي أدلى بها بعض المثقفين، وعلى رغم اختلافها وتباينها، إلا أنها تجتمع على مشترك واحد، وهو ضرورة تحرك النادي باتجاه عمل ثقافي متنوع وشامل ومتميز، من شأنه أن يحرك ركود المشهد الثقافي. فتم اقتراح إقامة مهرجانات للشعر شبيهة بتلك التي تقام في بعض الدول العربية. والمطالبة بأمسيات شعرية كبيرة لشعراء عرب وعالميين مثل محمود درويش، وأدونيس وسعدي يوسف. وفتح المجال أمام أبرز المفكرين مثل إبراهيم البليهي، وتركي الحمد وسواهما. كما كانت هناك مطالبات بتفعيل دور المرأة ومشاركتها في النادي، وعدم اقتصارها على لجان مهمشة لا دور لها. وكان هناك تركيز على دور الشباب المباشر في العمل الثقافي، والتخلص من البيروقراطية في النادي الذي ينقصه العمل الجاد والفاعل. وطرحت فكرة إقامة المسابقات المتعددة وحث الشباب على الإنتاج الفكري والفني، وعدم الاقتصار على الشعر والقصة، وضرورة إسهام النادي في كل الفنون، وأن يحقق متطلبات المبدعين كافة، من تشكيليين وموسيقيين ومسرحيين. وطالب بعض المثقفين بإتاحة الفرصة للجميع، وعدم تهميش غير المعروفين في الساحة، والاعتماد على الرموز المكررة كالدكتور عبدالله الغذامي"فهذه الخطوة من الأمور المهمة لصناعة المجتمع المدني، القادر على حركة ثقافية شاملة، لا تلك الحركة التي استغرقت وقتاً طويلاً لا تقدم إلا أسماء بذاتها ومن دون تجديد". وألح عدد من الحضور على أن يكون النادي"للثقافة كلها، وليس للأدب على وجه الخصوص، والاستفادة من الطاقات السعودية التي ترتاد النادي، والاتجاه إلى أعمال الترجمة الأدبية، والتحقيقات العلمية التي يقدمها المنتسبون إلى النادي، والبحث عن طرق جديدة لتسويق مطبوعات النادي بطريقة احترافية، حتى لا تتحول مرافق النادي إلى مخازن للكتب القيمة، التي يصدرها النادي ولا يستطيع تسويقها". من جانبه، رجا عضو مجلس الإدارة السابق الدكتور منصور الحازمي، أعضاء المجلس الجدد"ألا"يزمنوا"كما أزمن الذين من قبلهم، وأن يتركوا التمسك بالمجلس عند انتهاء عضويتهم". ودعاهم إلى الاستفادة من التراكمات العلمية، والتجارب العملية التي تركها أعضاء النادي السابق وإدارته الماضية"، لأنها تجارب لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهلها أو عدم الاهتمام بها". واقترح الحازمي- ضمن مجموعة اقتراحات قدمها إلى مجلس الإدارة الجديد - الاستفادة من المرافق الثقافية العديدة، التي تتوافر عليها مدينة الرياض، موضحاً أن بُعد النادي وحصر جميع نشاطاته أمران يمكن أن يؤديا إلى ضعف الحضور، مطالباً بتنويع أماكن الأنشطة الثقافية، ونشرها في جميع المرافق الأدبية داخل مدينة الرياض. وفي ختام الحوار قال رئيس النادي الدكتور سعد البازعي، إن مجلس الإدارة يسعى إلى تفعيل النواحي الإبداعية كافة، في السرد والمسرح والسينما. وأضاف:"إن دور المرأة هو مسعى مهم، وهناك حلول مطروحة لتفعيل دورها، كما أن هناك قرارات اتخذت قبل أيام، تتعلق بإعادة النظر في مجلات النادي، والعمل على إخراجها من جديد بالشكل اللائق". وعبر عن خشيته من العمل البيروقراطي، مشيراً إلى أن هناك"عقبات ستعمل الإدارة على تجاوزها وألاّ تقع رهينتها".