أثارت الدكتورة نورة المري جدلا واسعا داخل أروقة ملتقى تبوك الثقافي، ورأت المري الأستاذ المساعد في النقد والأدب الحديث في جامعة تبوك، أن المنتديات الليبرالية السعودية لا تقدم الصورة الحقيقية لليبرالية. وأفادت المري في ورقتها التي طرحتها في أولى جلسات الملتقى أمس الأول بعنوان «المذاهب الفكرية والخطاب الثقافي العربي المعاصر الليبرالية نموذجا» أن الأمر قد اتخذ أبعادا أكثر جرأة، مع أول تنظير فكري مصاغ بعقلية أزهرية تحاول علمنة الإسلام وتأويل النص القرآني أو قسره كي يوازي في مضامينه ومحتواه النص المسيحي الشائع (دع مالقيصر لقيصر، ودع مالله لله)، ولفتت المري إلى أن تلك القضية فجرها القاضي الأزهري علي عبد الرزاق في كتابة «الإسلام وأصول الحكم». الدكتور محمد آل زلفة عضو مجلس الشورى سابقا رأى في مداخلته في الجلسة، أن الباحثة المري لها خطاب مختلف، وأضاف «أرجو ألا تفهم الليبرالية السعودية هذا إن وجدت بما ذكرته المري، أما الشبكة الليبرالية فهي مشوهة». وبين الدكتور محمد بن علي الهرفي في مداخلته للباحثة المري، أن قضية اليبرالية درست من قبل العرب، وقال: «أنا معها إذا كانت تعني التقدم العلمي والاقتصادي، والسعوديون فيهم ليبراليون». ووصفت الشاعرة هدى الدغفق الباحثة بالتشكيك في الموقف المحلي ورأت «أن مشاركتها جاءت متطرفة ومأدلجة». الدكتورة نورة محمد المري فندت ل «عكاظ» أسباب الهجوم النقدي الذي تعرضت له ورقتها، وقالت: «ورقتي تضمنت خطابا مختلفا عما تعود عليه المثقف السعودي، وأتمنى أن تكون الورقة بداية لتعويد مثقفينا على هذا النوع من الخطاب الذي يفرض تقبل الرأي الآخر». وبينت، «أن النقد الذي وجه للورقة لم يكن نقدا شخصيا ناتجا عن خلافات شخصية»، مشيرة في ذات الوقت إلى أن الحراك الثقافي في منطقة تبوك يتقدم سريعا، وقالت: «بالرغم من أن هذا الملتقى هو الملتقى الثاني، لكنه يحمل من الأهمية ما لاتحمله باقي الملتقيات في المناطق الأخرى». وشارك في الجلسة الأولى التي أدارها عبد الله الأفندي وهيفا الأميلس، وناقشت هيمنة الخطاب الثقافي الغربي وإشكالاته، الدكتور يوسف بن علي الثقفي أستاذ الدراسات العليا في جامعة أم القرى، و الدكتور فالح العجمي و الدكتورة مضاوي صالح الحميدة الأستاذة في جامعة تبوك و الدكتور أحمد حسين عسيري عضو نادي تبوك الأدبي. الجلسة الثانية من جهة أخرى، استأنفت الجلسة الثانية في الملتقى بورقة للدكتور عبد الله بن إبراهيم الزهراني عدد من خلالها العوامل المؤدية إلى هيمنة الخطاب الثقافي وإشكالاته وحصرها في عدة عوامل منها التيار الليبرالي التغريبي المتطرف الذي يتبنى الأفكار الغربية ويبشر بها بقوة وسائل الإعلام المختلفة، التبشير بحقوق الإنسان، الديمقراطية، حرية المرأة وما تحتويه من مبادئ تتعارض مع بعضها، تسفيه القيم الإيجابية في المجتمع سواء كانت دينية أو أعراف قبلية لا تتنافى مع القيم الوطنية والدينية، الاستقواء بالغرب في نشر تلك الثقافة تحت ذريعة تسلط القوى النافذة المحلية، والتمسك بالقيم الدينية أفرادا وجماعات وصب كل ذلك في صالح الوطن. الخطاب الشعري أما الدكتور صالح عبد العزيز المحمود، فرأى في ورقته «قراءة في الخطاب الشعري السعودي» أن البعد السياسي المهيمن على علاقتنا بالغرب ومن ثم موقفنا المتسلب منه بفعل عاطفي شديد الوطأة والضغط قد هيمن هو الآخر على الرؤية الشعرية بشكل سافروأوضح علي بن عبد الكريم البلوي مدير تحرير مجلة المصرفة الإسلامية في ورقته «لماذا تأخرنا وتخلف الخطاب الثقافي العربي»، أن هناك فاصلا كبيرا بين التنظير والتطبيق ويتجلى ذلك في موضوع حيوي مهم وهو التعليم من حيث عدم مواكبته للتطورات وعدم جنوحه نحو التطبيق العملي، مطالبا النظر إلى المختبرات في المدارس والجامعات، كيف هي، حيث اعتبر البلوي أن لا علاقة لها بالمستقبل وإنما هي عبارة عن كماليات، وأشار بأن ذلك يسهم في حدوث فجوة كبيرة بين الفكر والثقافة وبين آليات التغيير الاجتماعي، موضحا أن ما يؤكد هذا هو كتاب للدكتور مصطفى حجازي بعنوان (التخلف الاجتماعي)، وهو مدخل إلى سيكلوجية الإنسان المقهور وتكمن العلة في الوطن العربي كما أقطار العالم الثالث في نوعية التعليم ومدى تأثيره في تغيير الذهنية.