حذر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان يان برونك من أن إرسال قوة يسيطر عليها حلف شمال الأطلسي الناتو لحماية سكان إقليم دارفور المضطرب في غرب البلاد، سيكون"كارثة محتمة"، محذراً من تغذية الشعور المعادي للمنظمة الدولية في الخرطوم. وكشف ان لديه معلومات من مصادر استخباراتية مختلفة تشتبه في وجود نشاط لتنظيم"القاعدة"في السودان، لكن مسؤولاً سودانياً رفيع المستوى نفى ذلك في شدة، مؤكداً انه لا يوجد اي شخص ينتمي الى"القاعدة"في البلاد. يأتي ذلك على خلفية معارضة الحكومة السودانية الشديدة للضغوط الأميركية على الاتحاد الأفريقي لاستبدال قوات دولية بقواته في دارفور تتمتع بصلاحيات أكبر وتكون أكثر قدرة على التحرك. وهدد الرئيس عمر البشير بتحويل دارفور"مقبرة"للقوات الأجنبية. وأوضح برونك في مؤتمر صحافي في نيويورك ليل الثلثاء - الأربعاء وزعه مكتبه في الخرطوم أمس ان نشر قوة يسيطر عليها"الناتو"في غرب السودان سيكون"كارثة محتمة"لأن الشعب السوداني سيبدأ بالفعل"الجهاد ضدها". وأضاف أن موقف الخرطوم واضح إزاء نقل مسؤوليات قوات الاتحاد الأفريقي إلى الأممالمتحدة. وقال إن الخرطوم تخشى أن تكون عملية نقل القوة مؤامرة للنيل من السودان وجره الى وضع شبيه بما يجري في العراق. وتابع برونك إن لديه معلومات من مصادر استخباراتية مختلفة تشتبه في وجود نشاط لتنظيم"القاعدة"في السودان. وأعلن ان الاتحاد الأفريقي قد لا يوافق على فكرة تولي قوة تابعة للأمم المتحدة مهمة حفظ السلام في دارفور وذلك نتيجة لضغوط شديدة من الحكومة السودانية. وقال ان اجتماعاً للاتحاد الأفريقي الذي أرسل سبعة آلاف جندي ومراقب إلى دارفور، للبحث في نقل المهمة إلى الأممالمتحدة تأجل لمدة أسبوع، أي إلى 10 اذار مارس الجاري، وان القرار قد لا يتم اتخاذه في ذلك الحين أيضاً. ولاحظ برونك ان المواطنين العاديين في الخرطوم يخشون قدوم قوات أميركية أو غربية إلى دارفور كما حدث في العراق، وهي مخاوف قال ان الزعماء السودانيين يتلاعبون بها. لكن مسؤولاً سودانياً رفيع المستوى قلل، لدى لقائه مجموعة من الصحافيين من بينهم مراسل"الحياة"أمس، من حديث برونك عن وجود نشاط لتنظيم"القاعدة"في السودان. وقال ان افكار"القاعدة"ممتدة بين الحدود ولكن"لا وجود لأشخاص من تنظيم القاعدة في السودان". ولمح الى وجود اتصالات بين الخرطوم وباريس وواشنطن لايجاد تفاهم في شأن نقل مهمات قوات الاتحاد الافريقي في دارفور الى الاممالمتحدة، ولم يستبعد التوصل الى اتفاق يقضى بزيادة عدد القوات الافريقية في الاقليم على ان تشرف عليها المنظمة الدولية لتمويلها ورفع قدراتها، مؤكداً ان حكومته لن تقبل بقوات غير افريقية في دارفور، وحذر من ان القوات الحكومية ستفرض سيطرتها على الاقليم إذا قرر الاتحاد الافريقى عدم مواصلة مهماته. وفي السياق ذاته، أعلن مساعد الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية آدم ايرلي ان الولاياتالمتحدة ستواصل دعمها وفي شكل فاعل مشروع قرار حول إرسال قوة سلام تابعة إلى الأممالمتحدة إلى إقليم دارفور حتى وإن كانت لا تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي. وفي الخرطوم، حذر الأمين العام الحزب الشيوعي السوداني محمد إبراهيم نقد من اخطار قال إنها ستترتب على انتقال مهمة حفظ الأمن في دارفور لقوات الأممالمتحدة، وقال ان هذا الأمر قد يترتب عليه انتقال أعمال تنظيم"القاعدة"الى السودان. وأشار نقد إلى تقارير دولية عديدة قال إنها أكدت ان أكثر من 14 في المئة من تنظيم"القاعدة في بلاد الرافدين"بزعامة"ابي مصعب الزرقاوي"من السودانيين. وقال نقد:"لا يكفي إدانة التدخل الأجنبي. فمنذ بدايات أزمة دارفور نحن أدنّا هذا التدخل، ولكن بدل لعن الظلام الأفضل إيقاد شمعة". وفي القاهرة "الحياة"، شدد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، أمس، على ضرورة موافقة الحكومة السودانية على نشر قوات دولية في إقليم دارفور. وأكد خلال استقباله المبعوث البريطاني المكلف ملف دارفور السفير آلان غولتي، أهمية"استمرار اضطلاع إفريقيا بالمسؤولية الرئيسة في حفظ السلام في الإقليم ... وضرورة أن يسبق أي تفكير بنشر قوات دولية في دارفور توصل أطراف النزاع إلى اتفاق يضمن حفظ السلام وتأمين نجاح تنفيذه". وأكد غولتي، في المقابل، أن بلاده ترى أن الانتقال من وضع تديره قوة الاتحاد الإفريقي في دارفور إلى وجود دولي"ربما يكون مسألة لا يمكن تجنبها في نهاية المطاف، نظراً إلى أن مظلة الأممالمتحدة تضمن تمويلاً أكثر ثباتاً ومعدات وموارد أفضل".