لم يتصور محمد بن إبراهيم الأحمد أن ما قرأه وسمعه من تقارير عن أضرار الجوال، يمكن أن يتحول إلى حقيقة ماثلة أمامه، بعد إصابة ابنه إبراهيم 15عاماً بسرطان الدم اللوكيميا، ويعتقد الأب أن برج الجوال الملاصق لمنزله هو المتسبب في إصابة ابنه بالمرض القاتل، بعدما ذكر له عدد من الأطباء أن تعرضه لذبذبات قوية لفترة طويلة، ربما يكون العامل المؤدي إلى مرضه، على حد قوله. وقال الأحمد ل"الحياة"إن معاناة ابنه مع المرض ترجع إلى بداية شهر رمضان الماضي، عندما تورم حلقه وارتفعت حرارة جسمه، مشيراً إلى أنه اعتقد في البداية أنه يعاني من نزلة برد، إلا أن التحاليل التي أجريت له في مستشفى خاص في الرياض، أكدت إصابته بسرطان الدم. وأضاف أنه تمت إحالة ابنه إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي حيث عولج بالأدوية الكيماوية لمدة شهر تقريباً، ما أدى إلى شفائه، لكن سرعان ما أصابه المرض من جديد. وعلى رغم أن التقارير الطبية لم تجزم بسبب إصابة إبراهيم بالسرطان، إلا أن والده يرجح أنها من جراء تعرضه لذبذبات برج الجوال الملاصق لغرفته على مدى خمس سنوات، وعلى هذا تقدم إلى السلطات المختصة بطلب لإبعاد هذا البرج عن منزله، إلا أن اختصاصياً في هندسة عمل الهواتف الجوالة رد على هذا الطلب بتأكيد أن ذبذبات البرج لا تسبب مرض السرطان، وأبدى الأب عدم قناعته بهذا الرد، مشيراً إلى أن ذبذبات البرج لم تصب ابنه وحده بالسرطان، بل تسببت كذلك في معاناة ابنة أخيه 7 سنوات، التي تقطن مع أسرتها في منزل مجاور، من نزيف حاد من أنفها بين فترة وأخرى، إضافة إلى إجهاض زوجته. وأشار إلى أن ما يؤكد كلامه هذا هو شفاء ابنه من المرض لمدة شهرين فقط، وبعد عودته إلى تلك الحجرة الملاصقة للبرج، عاد مجدداً مصحوباً بعدد من الأورام السرطانية أسفل الرقبة. وأوضح أنه تقدم مع جيرانه بشكوى جماعية مدعمة بتوقيع 20 منهم، يطالبون بإزالة ذلك البرج، ولكن الجهات المسؤولة لم تستجب لطلبهم. وقال إنه فكر في تبديل محل سكن الأسرة للمحافظة على صحة ابنه بعد ان تتم زراعة نخاع له، وفي رفع دعوى قضائية للمطالبة بالتعويض عن مرض ابنه، وعن فقدان سنة من حياته الدراسية. ومن جهته، قال الطبيب المعالج للطفل، استشاري أمراض الدم الدكتور فهد بن إبراهيم المحارب، إن هناك كلاماً كثيراً حول هذا الموضوع، وليس هناك شيء مثبت. وذكر أن هناك من يرى احتمال تسبب هذه الذبذبات في مرض السرطان، ووجوب أن تكون هناك مسافة كافية بينه وبين المساكن. وأوضح أن وزارة الصحة شكلت أخيراً لجنة للنظر في خطر أبراج الجوال، وأسلاك الضغط العالي الكهربائي عموماً، مشيرا إلى أنها لم تخرج بشيء مؤكد عن ذلك الخطر. ونفى أن يكون هناك إثبات علمي يؤكد العلاقة بين بعض أنواع السرطان وذبذبات الجوال والكهرباء. ولا يرى الدكتور المحارب أن هناك مبرراً لقلق السكان المجاورين لأبراج الجوال او خطوط الضغط العالي، لأن العلم لم يثبت شيئاً في هذا المجال، مبيناً أنه ربما يصاب من هو بعيد عن هذه الأبراج. وعن أسباب الزيادة في حالات السرطان عموماً، التي يشاهد الكثير منها في المستشفيات، قال:"ليس لدينا أي أسباب واضحة تؤدي إلى الإصابة بهذا المرض"، مرجعاً زيادة عدد المرضى إلى زيادة عدد السكان، ما يجعلها حالات ظاهرة للجميع. وأشار إلى تطور أساليب علاج الكثير من أنواع السرطان، وخصوصاً سرطان الدم. ... وجيران يتخوّفون من تكرار "المأساة" لا يخفي عدد من السكان المجاورين للبرج ولمنزل الأحمد، قلقهم وتخوفهم من إصابتهم أو إصابة أبنائهم بالمرض الذي أصيب به طفل جارهم. وقال إبراهيم المجلي إن أناساً كثيرين لديهم علم بتأثير ذبذبات الجوال وأسلاك الضغط العالي للكهرباء في الصحة العامة، مضيفاً أنه وبحسب معلوماته لابد من أن تبعد هذه الأبراج من الأماكن المأهولة بالسكان. وأوضح أنه قبل مجيئه إلى هذا الحي كان يسكن في حي قريب، ووضع في ذلك الحين برج للجوال، وبعد أن اشتكى السكان تمت إزالته على الفور. وأشار إلى أن أحد جيرانهم أصيب بالسرطان وتوفي قبل عام تقريباً، مشيراً إلى أن ذلك دفع الكثيرين إلى الانتقال إلى أحياء أخرى. واستطرد قائلاً:"أرواح الناس أهم من الأمور المادية، ولذلك يجب إزالة هذا البرج". وقال عبدالله الجابر إن مرض ابن جارهم أحدث لديهم قلقاً كبيراً، مشيراً إلى مساندتهم له في مطالبته بإزالة هذا البرج. واقترح وضع هذه الأبراج على أعالي الجبال، أو أن تكون في مكان يبعد من المساكن لمسافة كيلومتر واحد، حفاظاً على صحة السكان. وقال عم الطفلة الهنوف إبراهيم الأحمد الملاصق منزله للبرج، إن الطفلة تعاني من نزيف يعاودها كل شهرين أو ثلاثة أشهر ويستمر لمدة تزيد على الساعتين من دون معرفة السبب، على رغم مراجعته عدداً من المستشفيات. من جانبه، أبدى صاحب الأرض المقام عليها البرج رفض الكشف عن اسمه رغبته في فسخ العقد للمحافظة على صحة جيرانه، الذين هم أصلاً من أقاربه، ولكنه متخوف من شرط جزائي يلزمه بدفع تعويض، علماً بأنه يتقاضى إيجاراً من مستخدمي البرج يبلغ 45 ألف ريال سنوياً.