تحيط مقاهي "الشيشة" الشعبية بالرياض من كل الجهات، وكأنها ترفض خروج أهلها إلا بعد أخذ نصيبها منهم. وتبلغ تلك المقاهي أوج نشاطها من بعد صلاة العشاء وحتى ما بعد منتصف الليل، على رغم أن النظام يحظر عليها تجاوز الساعة 12. وتزاحم المقاهي مراكز الترفيه والاستراحات في منطقة الثمامة المتنفس البري الوحيد لأهل الرياض، إذ يتركز فيها أكبر عدد من المقاهي في العاصمة السعودية. ابتعاد المقاهي من وسط المدينة كان قسرياً، بعد أن أصدرت الجهات الرسمية قراراً بإبعادها إلى الأطراف حفاظاً على الصحة العامة. ويقصد المقاهي كل المولعين بالشيشة من كبار السن الذين أدمنوا تعاطيها، والمبتدئين من الشبان الذين يستهويهم هذا النوع من التبغ، وهي بدورها تهيئ الجو المناسب لكل شريحة من زبائنها، فتوفر للشبان القنوات الفضائية ولعبة"البلايستيشن"، وعوامل أخرى للجذب، وتوفر للكبار الشاي بنكهة النعناع، والجلسات المفتوحة على العشب الأخضر. وتعد الأوقات الذهبية للمقاهي خلال فترات الليل، خصوصاً في إجازة نهاية الأسبوع، وأيضاً تقدم خدماتها لزبائن النهار، ولكن بأقل كادر ممكن، لأن عدد الزبائن في هذه الفترة يكون محدوداً. وتتسابق المقاهي في تقديم خدمات مختلفة وجلسات مميزة، فبعضها يضع شبكات لتوزيع البخار البارد على أقسام المقهى لتلطيف الأجواء الساخنة صيفاً، وأخرى تعمد إلى وضع شلالات وبحيرات ماء في وسطها، وتُعدُّ نوعين من الجلسات، فهناك جلسات الكراسي وأيضاً الجلسات العربية. وتحرص المقاهي على تهيئة الجلسات المفتوحة خلال الصيف، وجلسات مغلقة تتمثل في الخيام وبيوت الشعر أو الصوانات في مواسم برودة الجو. ويؤكد حمد العواد أنه زبون لدى مقهى في الثمامة، منذ خمسة أعوام بشكل شبه يومي تقريباً، ويقضي مع عدد من زملائه الذين يدخنون الشيشة جزءاً من الليل فيها، لافتاً إلى أن الجلسة تضم أحياناً زملاء غير"مشيشين"، ولكنهم يحضرون لمشاركة زملائهم بين الحين والآخر، وتمتد السهرة إلى أوقات متأخرة خلال فترات الإجازة. وعلى عكس العواد، يشير فارس الرويلي إلى أنه زار تقريباً معظم مقاهي الشيشة في الرياض، مرجعاًً ذلك إلى تنوع معارفه وأصدقائه الذين يسكنون في مناطق مختلفة من الرياض. ولكنه أكد أن مقاهي الثمامة تعد الأفضل، في الخدمات والموقع والأجواء ليلاً، لوقوعها في شمال المدينة، لافتاً إلى أنها تحظى بشعبية أكبر من غيرها، وأنهم خلال ساعات الذروة من السهرة ربما لا يجدون لهم مكاناً مناسباً. أما الشاب خالد المحيميد، فيقول إنه ليس من هواة الشيشة، وعلى رغم ذلك له علاقة قوية مع هذه المقاهي، لأنه يقصدها مع بعض زملائه لمتابعة مباريات كرة القدم المنقولة على القنوات المشفرة، والتي تعرضها المقاهي لزبائنها. ويشير إلى أن وجودهم شبه اليومي يرتبط ببطولات عالمية، مثل كأس العالم أو بطولة أوروبا، أو عندما تكون هناك مباراة مشفرة لفريقه المفضل. من جهته، يؤكد مدير أحد مقاهي الشيشة اليماني أحمد الحداد، أن المقهى يرتبط بالليل إذ يكون عمله خلال هذه الفترة مكثفاً ويحشد له طاقته، مشيراً إلى أن المقاهي تعاقدت مع عدد من المطاعم لتقديم وجبة العشاء تحديداً للزبائن، وأنها تحقق مكاسب معقولة. وأوضح محاسب أحد المقاهي عبدالرحمن خيرالله، أن الخدمات المقدمة متنوعة، وأهمها تقديم الشيشة، التي تعد الأساس في استقطاب الزبائن، على حد قوله. وأضاف أن الخدمات تتضمن توفير بعض الألعاب وكذلك القنوات الفضائية المتعددة، خصوصاً المشفرة، لافتاً إلى أن قنوات الرياضة والموسيقى والأفلام هي الأكثر طلباً.