لليوم الثالث على التوالي، تسجل معظم مؤشرات الأسهم السعودية النسب الدنيا، وسط دهشة صغار المستثمرين وعجزهم عن اتخاذ أي إجراء يقلل من خسائرهم المتوقعة، ولو كان ذلك بمجرد الضغط على أمر"بيع". في منتديات الإنترنت المتخصصة كان المستثمرون على موعد غير منتظر، مع تبادل عبارات"المواساة"وسرد الموشحات"الهزلية"، وشيء من التفنيد والتنظير حول ما حصل في السوق خلال اليومين الماضيين. وفيما أجمع كثير من المراقبين والمتداولين على"أن من أسباب هذا الانهيار إقدام كبار المضاربين على سحب سيولتهم من السوق"، بيد أن الخاسر الأكبر في هذه اللعبة هم صغار المستثمرين الذين لا تزال أحلامهم"معلقة"بالمؤشر. وحول ذلك قال المحلل الفني محمد بن فريحان، إن"التغيرات التي حدثت أخيراً في السوق غريبة جداً، بدءاً بالارتفاعات الغريبة غير المبررة"، مشيراً إلى أنه"كان من الأجدى الإعلان عن المستثمرين المتلاعبين بدلاً من الإعلان عن أسماء الشركات التي يضاربون فيها، نظراً إلى الأضرار التي لحقت بالشركات المعلن عنها، بعد أن تدافع متداولوها لبيع أسهمها والتخلص منها بأي سعر". ويتفق المشرف على شبكة ومنتديات"المساهم"بندر الماضي، الشهير ب"نديم الشاشة"مع هذا الرأي. ويطالب ب"ضرورة التصدي للمجموعات الكبيرة"الغروبات"التي تتزعم السوق من دون صفة رسمية، وتضارب بمبالغ هائلة، وكانت سبباً في تضخم الكثير من الشركات". ويؤكد الماضي أن"السوق السعودية عبارة عن تكتلات مضاربية تتحكم في مصالح المتعاملين، ويجب من أن تتخذ قرارات في شأنهم"، ملمحاً إلى أن"الانهيارات التي حدثت خلال اليومين الماضيين، جاءت ردّ فعل في صورة"انتقام"من كبار المضاربين". وفيما تتواصل مطالبات المستثمرين ب"ضرورة تدخل القيادة العليا ممثلة في خادم الحرمين الشريفين، وهم يرددون دوماً في منتدياتهم"سوق أبو متعب فيه خير كثير"، تعبيراً عن حجم التفاؤل بمستويات الاقتصاد المحلي في شكل عام". ويعود المحلل الفني ابن فريحان ليؤكد"ضرورة فسح المجال لشركات الوساطة، وإلغاء وساطة المصارف". وقال:"المصارف تمارس دور الوساطة وفي الوقت ذاته تمارس دور اللاعب في سوق الأسهم، وهذا شيء غير معقول، خصوصاً أن كل محافظ المستثمرين مكشوفة لديها، ما يؤدي إلى التلاعب في عمليات البيع والشراء، ومن ثم إلزام شركات الوساطة بتصميم برامج تداول تنفيذية الوساطة بدلاً من نظام التصفح الحالي". وشدد على"أهمية وضع آلية نظام تداول سليمة، تتعلق بالأوامر وتنفيذها، بحيث يتمكن المتداول من وضع أوامر انتظار مسبقة، أو أوامر أهداف ووقف خسارة أسوةً ببقية البورصات العالمية، إلى جانب تفعيل آلية الإفصاح والشفافية، وذلك بمعاقبة الشركات التي تتسرب عنها أخبار، ثم تظهر في وقت لاحق صحة تلك الأخبار المسربة". ... و"قفا نبك من ذكرى نزول الأسهم" بين الضحك والبكاء شعرة. هذا ما يؤكده حال المتداولين خلال أيام الهبوط الحاد والمستمر في بورصة الأسهم بعد أن استبدل البعض منهم دوره"قسرياً"في تداول الأسهم بتداول"النكت"والقفشات الساخرة عبر رسائل الجوال وفي المنتديات المتخصصة. من أبرز ما تداولته هذه المنتديات قصيدة امرئ القيس الشهيرة وقد حورها أحد الظرفاء على طريقته ليكون مطلعها:"قفا نبك من ذكرى نزول المؤشر/ وسوق بأنواع الخسائر ممتلي / قفا نبك والشاشات أعمت عيوننا / ونحن نطالع لونها الأحمر الجلي". وبالطبع لم يخل الأمر من اسقاط الأحداث السياسية وما تجود به الساحة الدولية من أخبار يومية على حال السوق، ومن ذلك موضوع كتبه أحد المتداولين في أحد المنتديات تحت عنوان"غرق عبارة سعودية تقل ثلاثة ملايين مواطن"عبر فيه بسخرية لاذعة عن سقوط المستثمرين في بحر البورصة بين أسماك القرش و"الهوامير". وكذلك صيغت قرارت طريفة عن"تحويل قيمة الأسهم الى أصول ثابتة أي أن المستثمر يأخذ"تيساً"بدلاً عن سهم"المواشي"وكيلو"زفت طبيعي"عن سهم"المصافي"وبطاقة"سوا"عن كل سهم للاتصالات، ومسكنات عن سهم"الدوائية". ولكن الذي أفرط في التعبير عن مأساته بكل مهارة ذلك المتداول الذي نظم قصيدة شعبية من 80 بيتاً يصف فيها حاله مع السوق ولاقت رواجاً واسعاً في المنتديات، يقول فيها:"قال الذي في سوق الاسهم تغربل/ إندق حاله قبل ماله يدبَّل/ شاروا عليّه ناسِ غشْمٍ مهبّل/ دبّل قروشك عام سبعة وعشرين".