بدأ المهتمون بالموروث الشعبي الخليجي يتلمسون درباً جديداً لإشباع نهمهم بالتراث المحلي، بعد أن دخل مستثمرون خليجيون الساحة الفضائية عبر إنشاء قنوات عدة، لنقل أبرز فعاليات الشعر والحداء الشعبي، مدشّنين بذلك مرحلة إعلامية جديدة للتعاطي مع الموروث. وتعيد التجربة الحديثة إلى الأذهان تجربة المجلات الشعرية الشعبية في مطلع التسعينات الميلادية، حين غزت الأسواق مجلات شعرية عدة، توالدت بشكل متسارع قبل أن تندثر بفعل زيادة العرض على الطلب. المرحلة الإعلامية الجديدة شهدت إقدام مجلة"فواصل"، العائدة ملكيتها للراحل طلال العبدالعزيز الرشيد، على إنشاء قناة فضائية تبث القصائد والحوارات الشعرية، ثم سرعان ما بزغ نجم قناتي"الواحة"و"الساحة"اللتين لفتتا الأنظار، فيما يترقب الوسط الإعلامي قناتين جديدتين هما"المختلف"و"الصحراء". الاهتمام التلفزيوني بالشعر الشعبي جاء انعكاساً لنجاح المجلات الشعبية، إذ بدأت القنوات الفضائية باكراً بإنتاج البرامج الشعبية، التي اتسمت بالاهتمام المبالغ فيه بالديكور والإثارة الحديثة، ولعل متابعي الشعر الشعبي ما زالوا يتذكرون برنامج"عذب الكلام"الذي قدمه المذيع الكويتي جابر الجعدبي، على قناة"MBC"قبل سنوات عدة. ومر الموروث الشعبي السعودي على وجه الخصوص بمنعطف بارز، عندما فاجأت قناة"قطر"الفضائية السعوديين تحديداً، باستضافتها الراوي السعودي الشهير محمد الشرهان خلال الفترة الذهبية في شهر رمضان المبارك، في مطلع الألفية الحالية، لتدخل بعدها فضائيات عدة حرباً لاستقطاب الشرهان، باعتبار ما يقدمه مادة تلفزيونية شديدة التميز، ومنها القنوات السعودية. ودخل الرأي الديني ليعزز من حضور القنوات الجديدة، إذ بثت قناة"الساحة"رأياً للشيخ عبدالمحسن العبيكان، يبارك فيه أعمال القناة التي لا تبث أي مقاطع موسيقية أو غنائية، وهي المشكلة التي واجهت القنوات المحافظة، وعلى رأسها قناة"المجد"، التي وجدت حلاً آخر باعتماد البديل الموسيقي مجموعة من المؤثرات الصوتية. ويبدو أن المشاريع الفضائية المتخصصة في هذا المجال تعيش مرحلة الصفاء، إذ بدأ المستثمرون في هذه النوعية من القنوات في التصاعد، عملاً بنصيحة الشاعر المعروف الأمير خالد الفيصل، الذي قال في إحدى قصائده: زمانك لو صفا لك علّ يا ظامي .... اشرب قبل لا يحوس الطين صافيها. محتوى القنوات الفضائية المذكورة لا يتجاوز الشعر الشعبي والمحاورة وسائر فعاليات الشعر الشعبي، فهل تنجح هذه الفضائيات أم تكون استثماراً اتبعه الغاوون؟