لا تخفي القاصة هناء حجازي انحيازها إلى المرأة، وجعل الكتابة عن قضاياها ودواخلها همها الدائم، لذلك فلا غرابة أن تجد مجموعتها القصصية"بنت"صدى جيداً لدى الفتيات في الجامعة وسواها. إلى جانب كتابة القصة، تترجم حجازي من وقت إلى آخر بعض القصص من اللغة الإنكليزية، في ما تستعد لإصدار مجموعتها الثانية. هنا حوار معها. بعد صدور مجموعة"بنت"القصصية في 2001 توقفت عن النشر تماماً، ثم شاركت، بعد غياب، في قراءة قصصية ضمن فعاليات معرض الكتاب في الرياض قبل أشهر عدة، وأخيراً شاركت في أمسية قصصية في نادي جدة الأدبي... أين أنت عن الحضور الإبداعي قبل هاتين المشاركتين؟ - لم أتوقف عن النشر تماماً بعد صدور مجموعة"بنت"، وما زلت أمارس كتابة القصة وأشياء أخرى لا أستطيع تصنيفها، وكلها يتم نشرها في الصحف والمجلات تماماً كما حدث مع قصص مجموعة"بنت"قبل إصدارها، إضافة إلى ذلك وبعد"بنت"أكتب أسبوعياً مقالة صحافية في جريدة"البلاد"، وقبل توقفها كنت أكتب في مجلة"الجديدة، وأزعم أن بعض مقالاتي نوع من الإبداع. مشاركتي في أمسية قصصية في نادي جدة جاءت بعد مشاركتي في أمسيتين سابقتين، إحداها مع جماعة سرد نادي الرياض الأدبي، والأخرى ضمن فعاليات معرض الكتاب في الرياض. كما ترى فأنا موجودة وليس العكس. هناك من يعتقد بأن هناء حجازي تبدد تجربتها الكتابية في منتديات الشبكة العنكبوتية، مأخوذة ببريقها الزائف الذي يفضي إلى تضيع الوقت وأنها تمارس ما يمكن تسميته ب"حرق الذات"... ما تعليقك على ذلك؟ - هناء حجازي دائماً تعترف بأنها كسولة جداً في الكتابة، وهو عيب تعترف به، ولا علاقة للمشاركة في منتديات الشبكة بذلك، كتابي الأول يحوي قصصاً تمتد على مدى عشر سنوات، ما يعني أني مقلة جداً في الكتابة وكسولة جداً في ما يختص بالنشر وطباعة الكتب... وكتابي الأول صدر عام 2001 أي قبل تعرفي على المنتديات، أزعم أن المنتديات أو يمكننا اختصارها لمنتدى واحد، لأنني لا أشارك بالكتابة سوى في منتدى واحد لم يبدد نشاطي الكتابي، بل بالعكس حفزني للكتابة وأنا الآن بصدد طباعة كتابي الثاني بعد خمس سنوات من كتابي الأول، يعني الكتابة في"النت"ومتابعة المنتدى لم تحرقني ذاتياً بل بالعكس شجعتني على الكتابة. أنت تعرف أن"النت"هو لغة الحاضر حتى لا أقول لغة المستقبل، من يتعفف عنه أو يظنه رجساً من عمل الشيطان عليه أن يعيد حساباته، فهو في النهاية وسيلة تواصل بين المبدعين، عليك فقط اختيار المكان الذي يوجد فيه، والإنترنت تحديداً أبعد ما يكون من البريق الزائف، لأنك تواجه أشخاصاً يتحدثون معك بكل أريحية بعيداً من المجاملات الزائفة، التي تحفل بها الصحافة المطبوعة التي"تفلتر"ما يصل إليها ولا تنشر إلا ما يتفق مع مزاج المحرر القائم على الصفحة. تعليق آخر لا تصدق يا خالد الكثير من الذين يترفعون عن الكتابة في منتديات الشبكة، لأنهم عادة موجودون حتى النخاع، لكن من وراء حجاب أو أسماء مستعارة. بالتأمل في القصتين اللتين قرأتيهما أخيراً في النادي الأدبي، ومقارنة بإنتاجك السابق، ما زالت المرأة عندك هي المرأة نفسها: ضبابية الملامح، مسالمة حد الغفلة وبالكاد تتلمس طريقها وتطالب بحقوقها... إلى أي درجة يعبر هذا القول عن نظرتك؟ -"لقاء صباحي"و"الصديق"هما قصتان، بالنسبة إليّ، تحملان ملامح امرأة عملية جداً، تعرف ماذا تريد وتواجه للحصول على ما تريد. إذاً، قراءتنا للشخصيات مختلفة تماماً. لذلك لا أعرف كيف أرد على سؤالك، بالنسبة إليّ سواء في مجموعة"بنت"أو القصص التي أكتب، أكتب عن مشاعر المرأة ودواخلها وما تواجه في حياتها. أتذكر قصتي الأولى"بنت"التي كتبتها وأنا في الجامعة، وأتذكر كيف استقبلتها صديقاتي بالفرح، لأنها عبّرت عما يردن أن يقلنه، وحتى الآن، أسمع من الكثيرات أن مجموعة"بنت"تتناقلها الفتيات، لأنها تعبّر عنهن، هل تعتقد أن فتيات الجامعة سيقرأن كتاباً يحمل طابع امرأة ضبابية الملامح مسالمة حد الغفلة! هل مهنتك طبيبةً، والتي تحتم عليك التعامل مع نساء وهن في حال ضعف ومرض تعكس انطباعك عن المرأة بشكل عام؟ - انظر حولك، سترى المرأة في كل مكان، كما هي، سترى المرأة القوية والمرأة القادرة على مواجهة أصعب الظروف، إضافة إلى المرأة الخانعة والمرأة الشريرة والمرأة التي تحارب المرأة. بالنسبة إليّ المرأة ليست كائناً ضعيفاً، سؤالك مبني على نظرة معينة لكتابتي ولا أتفق معها كلياً. من المرأة التي تنتصر لها هناء حجازي؟ - المرأة القوية التي تعتمد على نفسها، وتعرف ماذا تريد من الحياة، المرأة التي تحب الحياة وتعرف كيف تعيشها. المرأة التي لا تؤذي الآخرين ولا تتعرض لحياتهم الخاصة، المرأة التي لا تستجدي عطف الآخرين وشفقتهم، بل تمارس دورها في الحياة بكل قوة وعنفوان. جرت العادة أن يتوقف كُتاب وكاتبات القصص القصيرة لسنوات عدة، وبعدها يصدرون رواياتهم الأولى... هل أنت مخلصة للقصة القصيرة أم أنها فترة مرحلية ستنتقلين بعدها إلى كتابة الرواية؟ - القصة القصيرة فن شديد الاختلاف عن الرواية بشهادة الكاتب العبقري ماركيز، والذي قال أيضاً إنها فن أكثر صعوبة بمراحل من الرواية والمسألة لا تنحصر بين الإخلاص أو الانتقال. المبدع القادر على الكتابة في هذين الفنين فنان يحترم، أعتقد أن عبدالعزيز مشري - رحمه الله - كان أكثر الكتاب القادرين على فعل ذلك وأنجحهم في نظري حتى الآن. الكثير من الكُتاب لدينا أجدهم أفضل بشكل كبير في القصة القصيرة، وأتمنى ألاّ تأخذهم الرواية بعيداً من القصة، لأني أستمتع بقراءة قصصهم أكثر بكثير. لك تجارب جيدة في الترجمة عن الإنكليزية، بخاصة في مجال القصة القصيرة... ألم تفكري في تجميع مترجماتك ونشرها في كتاب؟ - كي تنشر كتاباً يجب أن تبحث عن دار النشر التي تحترمك كاتباً. وفي النهاية تدفع ثمن الطباعة وترجو الناشر أن يقوم بتوزيع الكتاب. تستطيع أن تفعل ذلك كل خمس سنوات من أجل كتاب أنت كتبته، لأنك في النهاية كأنك تريد أن ترصد نفسك، يعني باختصار يصعب عليّ جداً أن أخوض كل هذا التعب من أجل ترجماتي. أقوم بالترجمة، لأنها عملية ممتعة ومفيدة بالنسبة إليّ. لكن عملية طباعة كتاب عملية تعذيب بالنسبة للكاتب سأحاول أن أقتصرها لأضيق الحدود. ما الذي يدفعك الى كتابة القصة القصيرة؟ وفي الوقت نفسه... ما الذي يغريك لترجمة قصة مكتوبة باللغة الإنكليزية؟ - الكتابة - كما قلت أنت في سؤال سابق - بوح، ووسيلة لإلقاء شيء ما في البال. لا أعرف تحديداً، أصحو من النوم أحياناً، والقصة كاملة مكتوبة في الذاكرة، وأحياناً جملاً منها. ما الذي يدفع دماغي إلى العمل بهذه الطريقة؟ ولماذا أقوم بتسجيل ذلك على ورق أو في صفحة الكومبيوتر؟ لا أدري، هو فعل إبداعي يدفعك إليه شعور طاغ؟ ما ماهيته لا أعرف؟ ولماذا أستجيب له أيضاً لا أعرف؟ الترجمة تغريني، لأنها تعلمني أسرار اللغة وتعلمني كيف يختلف أو يتفق الناس بلغات مختلفة في التعبير والكتابة.