خالد المرضي أحد كتّاب القصة الذين لفتوا إليهم الأنظار، سواء من خلال مجموعته القصصية الصادرة عن نادي الباحة الأدبي في هذا العام، أو من خلال القصص التي نشرت في بعض الصحف، أو من خلال المنتديات الأدبية على شبكة الإنترنت، شارك في بعض الأمسيات القصصية، كما شارك في بعض ملتقيات حلب ومراكش الخاصة بالقصة القصيرة جداً. «الحياة» التقت بالمرضي لمحاورته حول أصداء مجموعته القصصية الموسومة ب «ضيف العتمة». لماذا تأخرت في النشر، فما أعرفه أنك تكتب منذ زمن، لكنك لم تنشر مجموعتك الأولى سوى هذا العام؟ - كثيراً ما يطرح عليّ هذا السؤال، ربما هي الرغبة في الوصول إلى مرحلة النضج الكتابي الذي يرضيني أولاً، فلم أرغب في النشر لمجرد النشر، فمن خلال تجربة امتدت لسنوات كانت سلة المهملات تغص بكثير من القصص، اعتقد أنني احترمت ذائقة المتلقي ولو كان ذلك على حساب الزمن. المجموعة الأولى صدرت عن طريق نادي الباحة وبطلب منهم، حينها أيقنت بأن هناك ما يستحق أن ينشر. إلى بيتنا في القرية حيث تأوي العصافير بعد رحيل الشمس والقمر، هذا كان الإهداء على غلاف مجموعتك ضيف العتمة وهو يقودني إلى مسألة الحنين الجارف الذي يسكن الكثير من قصصك، فهل تتفق معي في هذا؟ - يا أخي القصة التي لا تنبع من أعماق قصية وتولد محملة بالدفء والمشاعر الإنسانية، فهي مجرد عبث كتابي، أذكر هنا مقولة للمشري حين يبحث في أعماقه ليجد أن الكتابة التي لا يغمس صاحبها سن قلمه في دمه هي كتابة لا تلبث إلا أن تمر وتتلاشى ولا تجد لها زاوية لتسكن فيها، وحدها الكتابة التي تبحث في الأعماق وتحفر في الذات وتغوص بعيداً أقول وحدها من تعلق في الذاكرة وتجد سبيلها إلى البقاء والديمومة. يبدو لي من خلال الكثير من قصص المجموعة أنك لم تتصالح مع المدينة فالقرية والطبيعة ما زالت ترفد الكثير من أفكارك القصصية؟ - أنا ابن قرية وأحمل ذاكرة طفولة مشبعة برائحة المطر وباخضرار الأشجار بصفاء الطبيعة حتى أحلامي لا تزال تأخذني إلى عوالم القرية ويبدو أن المدينة في شكلها الحديث قد استلبت منا طمأنينة العيش، ثم إننا نعيش في المدينة بعاداتنا القروية، فلا توجد لدينا مدن بمعنى المدن، فقد كانت عملية تبدل سريعة لم تأخذ حقها الزمني، فمدننا وإن كانت تنمو بشكل متسارع، إلا أن الإنسان فيها لا يزال يبحث عن ذاته ويعيش بذاكرته، فنحن ننمو وينمو معنا الماضي وإن كان الشكل العام للحياة يوحي بغير ذلك. ما هي انطباعاتك بعد صدور مجموعتك الأولى؟ وكيف تنظر للأصداء حولها؟ - لا شك في أنني سعيد بصدورها، وأعتبرها بمثابة خطوة في طريق طويل، أما الأصداء حولها كعمل أول فكانت جيدة بما كتب عنها حتى الآن وما وصلني من انطباعات عن طريق الأصدقاء. كيف ترى الساحة الأدبية المحلية؟ وكيف تنظر لما يسميه البعض فوران الرواية؟ وهل تحضر الرواية في مخططاتك الكتابية؟ -لا شك أننا في زمن الرواية من ناحية الكم، لكن تبقى الأعمال الروائية الجيدة تعد على الأصابع، لكن ومع ذلك يجب أن ننظر إلى هذا الانثيال الروائي كظاهرة صحية ستفيد مستقبلاً في عملية البحث عن الكتابة الجيدة، والأعمال الإبداعية وحدها من ستظل، أما الزبد فسيذهب إلى جفاء، والساحة الأدبية لدينا تمر في رأيي بمرحلة حراك جيد على رغم ما يشوبه أحياناً من ظواهر توحي بغير ذلك. شاركت في بعض ملتقيات القصة القصيرة جداً فكيف تنظر لهذا النوع من الكتابة القصصية؟ -القصة القصيرة جداً فن وليد لم ينضج بعد ولم تواكبه حتى الآن دراسات موازية لصقله ودفعه إلى الأمام، ومشاركتي في ملتقى حلب وملتقى المغرب كانت مفيدة لي ومفيدة أيضاً في التعريف بالتجربة السعودية في كتابة هذا الفن، وأزعم أن تلك المشاركات لقيت ترحيباً كبيراً وبات الكاتب السعودي محط أنظار خارجية على رغم التجاهل الواضح داخلياً الذي يصل إلى حد التشكيك في قدراتنا على تناول هذا الجنس الأدبي، فبحسب علمي كانت هناك دراسات نقدية تضمنت قصصاً ومجموعات صادرة لكتاب سعوديين. لمن يقرأ المرضي؟ وبمن تأثر؟ - داخلياً وبحسب قربي من عبدالعزيز مشري كانت تجربته محطة مهمة بالنسبة لي، أما خارجياً فهناك الأدب الروسي عبر تشيكوف ودوستوفسكي وتولستسي، ولا أزال أبحث عن الإبداع أينما وجدته من دون أن أرتبط بمكان أو كاتب معين.