يضطر محمود محمد إلى قضاء ساعتين خارج منزله ليل الثلثاء من كل أسبوع، لأن أصوات العاملين الذين يفرغون حمولة شاحنة من الألعاب في مستودع يقع إلى جوار منزله في حي الخزان تمنعه من النوم. ظاهرة الإزعاج هذه ليست الوحيدة التي يعاني منها ساكنو أحياء وسط الرياض مثل البطحاء والديرة والخزان، إذ إن عدداً كبيراً من أصحاب محال الألعاب والعطور في تلك الأحياء استأجروا بيوتاً غالبيتها قديمة وحولوها إلى مستودعات، ما أصبح مصدر قلق للأهالي. وذكر محمد أن تخوف الأهالي له ما يبرره، إذ إن حريقاً هائلاً شب في بناء استأجره محل للألعاب العام الماضي، احتاجت فرق الدفاع المدني إلى يومين متتاليين لإطفائه. وأضاف"كلما أخمدت فرق الدفاع المدني الحريق عاد للاشتعال مرة أخرى لطبيعة المواد التي صنعت منها الألعاب، ما جعل أهالي المنطقة المجاورة للحريق يبيتون خارج الحي". وأكد أن فرق الدفاع المدني تجول المنطقة باستمرار لكنها لا تلتفت إلى تلك المستودعات التي لا تتوافر فيها متطلبات الأمن والسلامة. وأقر مقيم يمني رفض ذكر اسمه يعمل في أحد محال العطور في المنطقة بأن المستودع الذي يتبع محل عمله لا يتخذ أي إجراءات احترازية، لكنه أكد أن لا خطورة على حياة القاطنين في الحي،"لأن المستودع يقع في بناء قديم ولا وجود لمستأجرين فيه". وأضاف:"لم تحدث أي مشكلة منذ استأجرنا المحل قبل نحو 4 أعوام"، عازياً سبب الحرائق التي تقع في المستودعات بين حين وآخر إلى أن بعض المستودعات تكون مقراً لسكن بعض العاملين في مجال العطور والألعاب، فيرتكبون أخطاءً تؤدي إلى كوارث". ويتذكر ساكنو حي الخزان الحريق الهائل الذي اندلع في سوق العطور إلى جوار عمائر الخالدية. ويؤكد عامر قبلان، وهو أحد المقيمين الذين شاهدوا احتراق السوق، أن مستودعات العطور والألعاب لو اشتعلت ستؤدي إلى كارثة،"كانت قارورات العطر تنفجر في كل مكان فتزيد اشتعال النار ولم تفلح محاولات الدفاع المدني في إطفائه حتى انهار وأصبح أثراً بعد عين". إيجارات العقارات خصوصاً القديمة منها شهدت ارتفاعاً قياسياً لا يتناسب مع عمرها الزمني وميزاتها، وعزا أبو محمد، الذي يدير مكتباً للعقار، ذلك إلى افتتاح محال للألعاب في المنطقة قبل نحو ستة أعوام. وأضاف"منذ ذلك الوقت بدأت أسعار العقارات في الارتفاع شيئاً فشيئاً مع الإغراءات المادية التي قدمها أصحاب تلك المحال إلى أصحاب العقارات. من جهته، أكد مدير الدفاع المدني في منطقة الرياض اللواء مسفر بن مزيد الجعيد أن استخدام المباني السكنية كمستودعات مخالف للأنظمة، و"الدفاع المدني لم يقف مكتوف الأيدي حيال مثل تلك المخالفات، بل يعمل جاهداً مع الجهات ذات العلاقة لإيجاد الحلول المناسبة لمعالجة أوضاعها". وشدد على أن الدفاع المدني جاهز لاستقبال أي شكوى عن المستودعات المخالفة في المنطقة، مؤكداً صعوبة تمييز المستودعات المخالفة عن المنازل الأخرى،"لا نستطيع معرفة المستودع المخالف إلا من خلال بلاغ أو أثناء جولات تفتيشية لدوريات السلامة التابعة للدفاع المدني". وشدد على أن إدارة الدفاع المدني لا تعطي ترخيصاً لأي مستودع إلا وفق ما نصت عليه الأنظمة واللوائح وبعد استيفاء شروط ومتطلبات السلامة كافة. ولفت إلى أن بإمكان أصحاب المحال إقامة مستودعات تحضيرية داخل أو إلى جوار المحال التجارية، بحيث لا تمثل خطورة بذاتها أو للمجاورين لها،"الأنظمة والتعليمات تحظر تخزين المواد الخام أو المنتجات في المحال المختلفة إلا بقدر محدود ومناسب بشرط ألا يؤدي إلى حدوث تكديس في المحال أو الإخلال بشروط السلامة الواجب توافرها". ورداً على سؤال عن الخطة التي تعتمدها مديرية الدفاع المدني للتأكد من إجراءات السلامة في تلك المستودعات، قال: إن الأولوية في التفتيش تكون للمستودعات القريبة من السكان والتي قد ينتقل ضررها لهم ويتم إخراجها من ذلك المكان".