لم تجد الابتسامة طريقها إلى بعض الأسر منذ إشراقة شمس أول أيام العيد، وطغت في مقابلها دموع على وقع ذكريات مؤلمة حدثت في أعياد ماضية، وارتبطت بها في شكل مباشر، فما ان يأتي العيد حتى تحل معه، وتنغص مثل هذه الذكريات الفرحة والبهجة التي يعيش الصائمون في يوم عيدهم. وترى أم عبد الرحمن العيد"محطة مؤلمة"، تعيد لها"ماضياً حزيناً"، وتقول:"البهجة تنطفئ من قلبي عند تذكري طفلي الذي توفي منذ عامين ونصف العام"، مضيفة"منذ أولى لحظات العيد، ينتابني شعور بالحزن والألم عندما أتذكر طفلي الذي توفي نتيجة إصابته بمرض وراثي"، مضيفة"أبتسم وأتبادل التهاني مع من يقبل عليّ، إلا أن قلبي يعتصر ألماً". وتفتقد أم عبد الرحمن طفلها من بين إخوته، عندما يرتدون ثياب العيد وسط صراخ وضحك وفرح. وتقول:"كثيراً ما يتذكرون أخاهم، ولكن سرعان ما ينسونه في لحظات انشغالهم بالمعايدة وجمع"العيدية"، مشيرة إلى أن زوجها"ما زال يذكر ابنه، ولكن في قلبه، محاولاً عدم إظهار حزنه". وتصف سارة تركي حال الحزن التي تسيطر على المنزل في أيام العيد، بسبب فقدانهم والدتها منذ ستة أعوم، وتقول:"ارتبط العيد بفقدنا والدتنا، نذرف الدموع حزناً، ما يؤدي إلى انتقال الحزن إلى أفراد المنزل جميعاً، نتبادل الحديث مقلبين دفتر الذكريات وكيفية قضاء ساعات أعياد الطفولة برفقتها". مضيفة إن"للعيد وجهين، لكنهما مختلفان، فوجه الفرحة الذي يطغى على الغالبية، والوجه الذي غالباً ما يكون مختفياً يضمده القلب فقط". وتعيش أم سلمان لحظات العيد في حزن، بعد افتقاد والدها قبل سبعة أشهر، وتقول:"هذا أول عيد يمر علينا من دون وجوده بيننا، فقد العيد بهجته بغياب الوالد"، وتعتبر توافد الأقارب"عزاء وليس تهنئة". ولم تختلف نظرة ابتسام حمد عن غيرها كثيراً، ولكنها تتنقل في العيد من محطة حزن إلى أخرى، وتحاول أن تمر عليها سريعاً حتى تخرج منها وتنخرط في فرحة المعيدين. وتقول:"لا يوجد قلب خال من الجراح، وإن كانت بسيطة، ولكن نقف على الذكريات لحظات"، وعلى رغم من أن ابتسام أرملة تحتضن ثلاثة أطفال، إلا أنها تنير شموع العيد لأطفالها الأيتام، وتقول:"أتذكر زوجي كثيراً في الأعياد، وأرى أولادي يتساءلون عنه دائماً، لكني أخرجهم من تلك الأجواء بسرعة، وأدخلهم في أجواء العيد وفرحته".