تعمل الديبلوماسية الإسلامية خلال الساعات الأخيرة قبل العاشرة من مساء اليوم، حيث مراسم توقيع"الوثيقة المكية"في جوار المسجد الحرام، بنشاط وصف ب"الهائل"، من أجل إقناع المرجعيات الدينية الكبرى سنة وشيعة وتحفيزها على المشاركة المباشرة في المراسم، من خلال الحضور الشخصي أو إرسال ممثلين رفيعي المستوى، ضماناً لأهداف مبادرة منظمة المؤتمر الإسلامي التي دعت إلى مؤتمر حوار سني - شيعي بوصفه حلاً يفضي إلى حقن الدماء من خطر الاقتتال المذهبي. وأعلنت مكاتب المرجعين الشيعيين آية الله علي السيستاني والسيد مقتدى الصدر ظهر أمس عدم حضورهما أو إرسال ممثل شخصي عن كل منهما إلى مكة اليوم، بيد أنهما باركا خطوة المنظمة في سياق مباركتهما لأي جهد يصب في مصلحة أمن العراق. كما أن الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر أعلن رغبته صراحة في انعقاد مؤتمر الحوار العراقي السني - الشيعي داخل العراق. وشهدت فكرة"الوثيقة المكية"جملة من التغييرات المتلاحقة، سواء في الشكل أو المضمون من جانب المنظمين، فيما واجهت المبادرة التي عرضت كفكرة خلال المؤتمر الدولي للعلماء المسلمين في العاصمة التركية اسطنبول في مطلع آب أغسطس الماضي صعوبات، تم تقبلها في أوساط الأكاديميين والسياسيين المعنيين بالشأن العراقي، على اعتبار أنها"مبادرة علاقات عامة"، فيما اعتبر معارضون آخرون أن القدرة على حقن دماء العراقيين في يد السياسيين وليس رجال الدين. وأعرب الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلي في تصريح إلى"الحياة"عن تفاؤله بنجاح مبادرة منظمته من أجل حقن دماء العراقيين. كاشفاً عن:"اننا كنا نعرف بعدم حضور المرجعيات لكننا حصلنا منهم على رسائل تأييد للوثيقة". وكانت الحكومة السعودية وضعت تحت تصرف المنظمة طائرة خاصة وصلت العاصمة العراقيةبغداد ظهر أمس وغادرتها مساءً، بعد أن أقلت حشداً من المشاركين في طريقهم إلى مطار جدة ومنه إلى مكةالمكرمة في زي الإحرام. من جانبها، قالت مصادر المراجع السنية في تصريحات إلى"الحياة"بأن مشاركتها مرهونة بمستوى مشاركة الجانب الشيعي، وحتى الخامسة من مساء أمس كان مرجعان سنيان يتحدثان عن ضغوط ديبلوماسية إسلامية تحضهما على المشاركة شخصياً أو إرسال ممثلين. وبحسب ما اطلعت عليه"الحياة"من نسخة للوثيقة التي تتكون من 10 فقرات مطولة، فإن أبرز ما يلفت فيها هو تجنبها لأي صيغة ربما أسهمت في تحريك خلاف أو جدال فقهي، إذ ركزت على الكليات والثوابت الدينية التي تجمع فريقي السنة والشيعة، خصوصاً آيات عدة من القرآن الكريم. وكانت خمسة تغييرات رئيسة طرأت على برنامج الإعداد للقاء مكة والوثيقة المنتظر توقيعها اليوم، وهي: تغيير فكرة مؤتمر حوار سني - شيعي، يعقبه توقيع ميثاق شرف إلى"وثيقة مكة"من دون أن يسبقها أي حوار موسع بين المرجعيات الدينية. كما تغير قبول المنظمة بحجم المشاركة واعتمادها على شخصيات مرتبطة بالجانب الرسمي في العراق. وغيرت المنظمة أول من أمس ما أعلنت عنه في بيانات رسمية من أن لقاء مكة سينعقد خلال يومين، ليتم الاكتفاء بمراسم توقيع فقط خلال يوم واحد من دون عقد لقاءات أو اجتماعات حوار سني - شيعي. وبدأت سلسلة التغييرات منذ اليوم الأول لبدء اللقاء التحضيري في 15 رمضان الماضي، حيث علمت"الحياة"أن الأمانة العامة للمنظمة بدأت في تلقي ملاحظات عدة من كبار المرجعيات على شكل مبادرتها ومضمونها وآلية نجاحها. وأمام هذه التغييرات ينتظر المراقبون لحظة المؤتمر الصحافي الذي أعلن عن انعقاده مساء اليوم للأمين العام للمنظمة وممثل سني وممثل شيعي.