"لو كان كلام البشر من مادة لتضاعف حجم الكرة الأرضية"، عبارة أطلقها أحد المواطنين معتبراً أن"كثيراً من الناس يتحدثون من دون أن تغني كلماتهم الآذان حكمة أو موعظة أو فائدة". ولم يقصد من عبارته تلك إلا الثرثرة. وينطبق قول ذلك الحكيم على حسن الذي اشتهر في إحدى قرى محافظة الأحساء بأنه"يستطيع التحدث عن كل شيء وفي أي مكان". ويتندر البعض بالآثار التي يحدثها على مستمعيه، إذ"يسيطر عليهم الصداع والورم الحسي، مثل البالون الذي امتلأ بالهواء ويكاد ينفجر، لأن صوته يشحن أدمغتهم من دون فائدة"على ما يقول أحد أبناء القرية. ولا يتوقف الأمر عند حسن على رغبة الحديث فقط، فهو ينتقل من مجلس إلى مجلس في قريته ناقلاً الأخبار عما يدور في العالم من أحداث، سواء السياسية أو الاجتماعية أو الفنية، فيلقي ما في جعبته من أخبار، ويضيف إليها بعض التحليل من عنده من دون أن يهمل أي جزئية مهما كانت تافهة ومفهومة من الجميع، وفي بعض الأحيان يتجاوز الوقائع ليضيف إليها بعضاً من خياله، حتى يستقيم معه المعنى الذي يريد إيصاله، ويتناقل البعض أنه في أحد أحاديثه الطويلة قال إن"أصل الرئيس الأميركي جورج بوش أردني، ودلّل على ذلك بوقائع كثيرة"، وأن الروائي"نجيب محفوظ ولد في السعودية، ولكنه هاجر مع أهله إلى مصر"مشيراً إلى أن محفوظ يحتفل هذه الأيام بعيد ميلاده ال 95. وعلى رغم أن كلامه يثير أصدقاءه كثيراً، إلا أنه يعتبره صحيحاً مئة في المئة، ويعلق عليه أحدهم بالقول إن"نجيب محفوظ لو سمعك تتحدث، لاكتفى بك شاهداً في روايته الشهيرة ثرثرة فوق النيل". وعندما يدور الحديث عن سوق الأسهم في المجالس والاستراحات، لا بد لحسن أن يكون له رأيه في حركة الأسهم والتداولات، وتبدأ الهمزات واللمزات عليه من الحضور، ويدور الهمس على أنه لا يمللك سهماً واحداً في أي مصرف، حتى لا يُؤخذ بكلامه، إذ لا يستطيع أحد أن يمنعه أو يردعه عن الكلام، خوفاً من عصبيته الزائدة التي تؤدي أحياناً إلى العراك. أصدقاء حسن يلقبونه بال"راديو"نظراً إلى وجه الشبه بينه وبين ذلك الاختراع الذي لا يصمت طالما أنت تدير مفتاح التشغيل، وأكثر من ذلك، بإمكانك أن تحرك إشارة الموجة على أي برنامج تريده.