اتفق اقتصاديون على أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للهند والصين ستنتج منها شراكات استراتيجية جديدة في شرق العالم، ما سيتيح خيارات وفرصاً عدة ومتنوعة أمام الاقتصاد السعودي. وسيتمتع الاقتصاد بمزيد من الشركاء في كل العالم، وسيكون لذلك دور مهم في تنويع الاقتصاد وزيادة معدل نموه. واعتبر الاقتصاديون أن توقيع اتفاق منع الازدواج الضريبي سيكون لها أثر كبير في تشجيع الاستثمارات المشتركة بين الدول الموقعة وبين السعودية. وبالنسبة إلى مصفاة التكرير المتوقع إنشاؤها في الصين بعد الزيارة، أكد الاقتصاديون أن ذلك سيشجع الصين لأنها"تعتبر من اكبر مستهلكي النفط في العالم"، للاستيراد من النفط السعودي. وأوضح الخبير حسين شبكشي أن توقيع اتفاقات شراكة استراتيجية بين السعودية والهندوالصين سيمنح الاقتصاد خيارات عدة في أكثر من مجال وبشكل متنوع. وأضاف أن الاقتصاد التقني أصبح من أهم الاقتصاديات العالمية، وبتوقيع اتفاق تعاون مشترك مع الهند في المجال التقني، سيكون له اثر ايجابي في تطوير الاقتصاد التقني السعودي، لأن الهند أصبحت من ابرز الدول في هذا المجال. وأوضح شبكشي أن بناء مصفاة للتكرير في الصين سيمكن النفط السعودي من أن يكون الخيار الأول لأكبر مستهلكيه، ويتفق معه دكتور الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز أسامة فيلالي ويقول إن إنشاء مصاف في الدول ذات الكثافة السكانية الكبيرة من انجح أنواع الاستثمار في مجال النفط. وأضاف:"من المعروف أن النفط السعودي يصدر خاماً، فبدلاً من تصفيته وتكريره في مصاف غير سعودية، فلماذا لا نكرره في مصاف سعودية تنشأ في اكبر الدول المستهلكة للنفط، مع العلم أن السعودية تواجه صعوبات في إنشاء مصاف مماثلة في الدول الأوروبية والأميركية، بسبب احتكار شركات نفط عالمية لعمليات التكرير، بينما نجد في الهندوالصين أسواقاً منفتحة على للاستثمارات العالمية في قطاع النفط والغاز، فلماذا لا نستغل هذا الانفتاح في المزيد من الاستثمارات في مجال نتقنه؟". وأوضح فيلالي أن توقيع اتفاق منع الازدواج الضريبي مع الهندوالصين من مصلحة الشركات والمستثمرين، كي لا يدفع هذا المستثمر الضريبة مرتين أو ثلاث على النشاط نفسه. وأضاف أن الشركات السعودية العاملة في الهندوالصين ستكتفي بدفع الضرائب مرة واحدة للدول التي تستثمر فيها، والعكس صحيح. وبين أن الاتفاق على إنشاء مصنع للأسمدة يعتمد على الغاز باستثمارات سعودية هندية مشتركة، هو مثال للشراكة الاستراتيجية التي ستقام بين السعودية من جهة والصينوالهند وما تتبعهما من دول آسيوية ستتم زيارتها من جهة أخرى، إذ ستستفيد الهند من إنشاء المصنع في السعودية بسبب وجود الموارد الطبيعية فيها، بينما ستستفيد السعودية من استهلاك الهند الكبير لمنتجات الأسمدة، كونها من اكبر الدول الزراعية في العالم، بحيث ستستورد الهند غالبية إنتاج المصنع. وقال فيلالي:"نحن في بداية التعاون الوثيق والمثمر، وستتفتح لنا في المستقبل القريب والبعيد آفاق أخرى نتيجة للارتباطات الأمامية والخلفية التي تنشأ نتيجة التعاون المستمر بين السعودية والهندوالصين". ... وتعكس اهتمامه بالتطوير والتنمية أكد وزير المال السعودي الدكتور إبراهيم العساف، أن"زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز الى الهند، أعطت دلالة واضحة لاهتمامه بتطوير هذه العلاقات وفرص تنميتها". واستعرض في كلمة ألقاها خلال زيارته لمعهد"النمو الاقتصادي"في نيودلهي أمس، التطورات التي مر بها الاقتصاد السعودي، والسياسة الاقتصادية السعودية والإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها المملكة، وكذلك الاهتمام الذي توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين لتطوير العلاقات مع الهند. وأوضح أن"التطورات التي يمر بها الاقتصاد السعودي توفر فرصاً كبيرة ومتنامية لتعزيز العلاقات بين البلدين"، مشيراً إلى أن"من أوجه هذه العلاقات استضافة المملكة أعداداً كبيرة من العمالة الهندية، التي تمثل تحويلاتها مصدراً مهماً للنقد الأجنبي في الهند، كما أن المملكة تعد مصدراً مهماً للواردات الهندية من النفط". وتحدث العساف عن السياسة النفطية للمملكة، واهتمامهما بالسوق النفطية الدولية kوتجنب تقلبات الأسعار التي تؤثر سلباً في النمو الاقتصادي العالمي، وفي الاستثمارات في قطاع النفط في الدول المنتجة، مستعرضاً جهود المملكة لزيادة طاقتها الإنتاجية من خلال تخصيص 50 بليون دولار أميركي، لتصل هذه الطاقة إلى 12 مليوناً ونصف المليون برميل يومياً عام 2009، وكذلك زيادة طاقة المصافي. وفي حديثه عن العلاقات الاقتصادية السعودية - الهندية، اوضح الجانب التكاملي في هذه العلاقات، ف"المملكة أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، والهند مستورد رئيسي له، وإن هذه العلاقة التكاملية توفر فرصاً للتعاون والاستثمارات المتبادلة، خصوصاً في قطاع المصافي والبتروكيماويات، ما يعزز بشكل أكبر العلاقات بين البلدين الصديقين".