لم تكن وفاة الشيخ محمد بن شمسان، عميد اسرة الشمسان، حدثاً عابراً، بل فيه من الدروس والعبر الشيء الكثير، فالفقيد لم يكن من اهل الثراء او المناصب التي يشار اليها بالبنان، بل وهبه العزيز الحكيم ايماناً عميقاً وحلماً وعلماً وعطفاً وحسن خلق، فقد قال رسول الله:"إنكم لن تسعوا الناس باموالكم ولكن باخلاقكم"او كما قال. جالست الفقيد لسنوات عدة، فكان نعم الوالد والاخ والصديق هو واخيه المرحوم صالح رفيق دربه وابناؤه البررة وزوجته العمة الحنون وابناء حيه في ظهرة البديعة، كنا كالاسرة الواحدة على قلب واحد، لا تسمع الكلمة الجارحة ولا النابية، وانما الاحترام والتقدير والترويح عن النفس في حدودها المشروعة. كانت اياماً لا تنسى ومواقف جميلة ومشاعر حميمة وفوائد جمة يصعب حصرها. وحينما غيب الموت الفقيد، كان المصاب عظيماً والفاجعة كبيرة على كل محبيه، خصوصاً زوجته عمتي ام فهد، لا سيما بعد عشرة العمر الطويلة، وبعد ان رزقها الله منه الذرية الصالحة من البنين والبنات، وقد تأثرت كثيراً لفراقه ولكن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول سوى ما يرضي ربنا"الحمد لله على كل حال، والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه"، ونردد قوله تعالى:"ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون". ونتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"عجباً لامر المؤمن، إن امره كله خير، وليس ذلك لاحد إلا للمؤمن، إن اصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن اصابته ضراء صبر فكان خيراً له". ويقول الشاعر: وما المال والاهلون الا ودائع / ولا بد يوماً ان ترد الودائع. عمتي ووالدتي الحنون ام فهد، نحن ننهل من معينك الصافين، ونتعلم الخير الكثير منك لكنني اذكرك بقوله تعالى:"وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين"، ولا غرو ولا عجب فقد خرجت لنا من مدرسة الامومة الحانية ابناء الفقيد النجباء فهد وفيصل وشمسان وتركي وبدر، وكلهم شبيهون بابيهم في الروية وحسن السجية والكرم، والسمت وشفافية الطوية ومن شابه اباه فما ظلم، وبنات صالحات جعلهن الله لك ولوالدهن ولازواجهن ستراً من النار. والدتي ام فهد، جاء تعبير المعزين عفوياً وجلياً وتلقائياً من خلال تقاطر محبي واقارب الفقيد من انحاء شتى من المملكة، متأثرين لفقدانه، يبادلونه الحب والوفاء، ومن ابرز ذلك ايضاً تواصل القيادة الحكيمة في هذا البلد الطاهر ممثلة في تعازي نائب وزير الداخلية للشؤون الامنية الامير احمد بن عبدالعزيز، ولعل مسجد الراجحي في الرياض اقرب شاهد على هذه المشاعر الجياشة، فقد امتلأت جنباته بالمصلين والمترحمين عليه، وشيعته الاعداد الغفيرة، مرددين اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس. واخيراً، احتسبيه يا ام فهد واكثري له الدعاء، رحمه الله رحمة واسعة وجعل الجنة مثوانا ومثواه. خالد الشمسان - المدينة المنورة