يعود سعد علي 49 عاماً من غيابه القصير في بعض الأحيان محملاً بوردة حمراء أو زجاجة عطر يضعها بين يدي زوجته، يقول إن"ذلك تعبير عما يختلج في قلبي من شوق دائم إليها". رزق علي بسبعة أولاد ثلاث منهم فتيات، وعلى رغم أنه لم يصل إلى مراحل دراسية عليا ومستواه الاقتصادي متوسط، إلا أن منزله ينعم بالحب والصفاء والتقارب بين ساكنيه. يقول سعد:"لم أقسُ على أبنائي ولطالما عاملتهم بالحسنى". ولم يكن ذلك وليد لحظة طارئة، وإنما"من أول يوم دخلت فيه القفص الذهبي، وأنا أعرف أن الكلمة الطيبة هي مفتاح قلب المرأة، لأنها كائن ضعيف، وقوتها تكمن في هذا الضعف". لا يصبر أبو إبراهيم إذا نشب خلاف بينه وبين زوجته طويلاً"أقدم إليها ما تريد حتى ترضى، فهي مهمة لي وأُشعرها دائما بأهمية وجودها إلى جانبي".انطبع هذا السلوك العاطفي من قبله على أبنائه، يقول ابنه الأكبر إبراهيم 28 عاماً:"والدتي هي كل حياتي، هذا ما تعلمناه من والدي، نرى كيف يعاملها بحنان، ليس فقط والدتي، بل أيضاً كيف يتعامل مع شقيقاتي، لم نعرف عنه القسوة منذ صغرنا". ويضيف:"المرأة لا تعامل بقسوة". ويذكر أن والده غرس عادة في أبنائه،"دائماً ما يوصينا بتقديم الهدايا إلى بعضنا البعض، وطالما ردد عبارة:"تهادوا تحابوا". في المقابل تجد زوجته أم إبراهيم 45 عاماً نفسها بسيطة"لم أتعلم في المدارس". تضحك وهي تسأل"من هيفاء ومن نانسي؟ أتعامل مع زوجي بالفطرة وبالكلمة الطيبة فهي مفتاح قلب الرجل"، مؤكدة أن :"لسانك حصانك إن صنته صانك". لكن بناتها ينظرن إلى أن سر هذه الأجواء العاطفية يكمن في تعامل الأب معهن. تقول ريم ذات ال 24 عاماً وهي أكبر الصبايا"والدي لا يبخل بالكلمة الجميلة، ويتعامل معنا وكأننا ما زلنا في سن الطفولة". وتتمنى أن يتقدم شاب يحمل لها مشاعر الحب و"الرومانسية"مثل والدها. وبعيداً من منزل علي المفعم بمشاعر الحب، يقع بيت لم يزره طارق الحب يوماً، فقد تحول منزل خليل سالم 52 عاماً إلى ساحة للصراع بينه وبين زوجته وأبنائه ما ضطر ابنه تركي 31 عاماً للهرب من المنزل والاستقلال في بيت آخر ينشد فيه الراحة وبعض الحب كما يقول:"بيتنا غابة والبقاء للأقوى، أفضّل الحياة وحيداً ومنعزلاً على البقاء في منزل يعج بالصراخ والتذمر". ولا يخفي أنه لا يرى أهله إلا في المناسبات أو في بعض الأوقات التي لا يستطيع مقاومة الحنين إليهم. واصفاً الوضع ب"المأسوي، صوت أبي دائماً مرتفع، أرى أمي ترتجف أمامه كأنها أصغر أولاده، وليست شريكة حياته". ويرى أن والده لم يصنع احتراماً للأم بين أبنائها، وهو لا يتذكر أن والده قال كلمة جميلة لوالدته، أو قدّم لها هدية بسيطة، إذ يعتقد أن الحياة هي فقط أموال خالية من المشاعر. ويضيف بأسى :"لم أجتمع بأخوتي منذ صغري، ولا أتذكر أننا تبادلنا الحديث في يوم ما أو خرجنا سوياً للتنزه كعائلة مترابطة، أو اجتمعنا على مائدة واحدة، كل منا يصله طعامه في غرفته وكأننا في سجن، كل منا يعيش عالمه الخاص". ويتهم والده في كل ذلك، يقول إن"والدي أفقدنا الحنان والحب في تعامله سواء مع والدتي أو معنا".