"من عرف مصائب غيره هانت عليه مصيبته". ربما تختصر هذه الجملة معاناة عدد كبير من المتقدمات إلى الكليات والجامعات، إذ تتحطم أحلام الثانوية العامة على صخور الواقع المر، ولسان حالهن يقول:"ما كنا نعتقده غاية الجدية أثناء المذاكرة لامتحانات الثانوية العامة، بدا أنه مزاح، مقارنة بما نعانيه في الجامعات". هنا بعض تجارب المتقدمات إلى تخصصات أحببنها ورغبن فيها، لكنه بقي حباً من طرف واحد على ما يبدو! تخرجت مريم منذ سنتين من الثانوية العامة القسم العلمي بمعدل 94 في المئة. وتقول:"طوال سنوات دراستي كنت أحلم بأن أصبح طبيبة أعالج المرضى، قدمت ملفي إلى جامعة الملك فيصل فرفضوه. ذهبت إلى كلية العلوم متصورة أن يتم قبولي في قسم الكيمياء على أقل تقدير، وعند إعلان أسماء المقبولات فوجئت بأن اسمي من ضمن طالبات اللغة العربية... رضخت للأمر الواقع وصبرت سنة، سحبت بعدها الملف، وقرأت السلام على الأنظمة المزاجية العشوائية". منال المتخرجة منذ عام حصلت على نسبة 87 في المئة من المعدل العام. تروي تجربتها بالقول:"بداية، اتجهت إلى جامعة الملك فيصل بعد ما سمعته عن مظالم في التصحيح وهضم الحقوق في كلية العلوم للبنات". وتضيف عن معاناتها في الجامعة:"حملت ملفي وأنا راغبة في قسم نظم المعلومات، لكنهم قالوا إن المقاعد مكتفية. تأزمت جداً، لكن إحدى موظفات الإدارة اقترحت علي التسجيل في قسم المحاسبة، واعتماد مواد عامة في النصف الأول من العام الدراسي، على أن أنتقل خلال النصف الثاني إلى قسم نظم المعلومات، ونفذت ما قالت". انتهى النصف الدراسي الأول، ولم تزل منال في قسم المحاسبة. وتكرر الأمر نفسه خلال النصف الثاني. وتعبر عن ذلك بالقول:"إنه أمر مؤسف ألا أحقق رغبتي، على رغم أنني أدرس على نفقتي". وحين توصلت إلى هذه القناعة أنقذها أحد معارف والدها، ونجح في تحويلها من خلال علاقاته إلى قسم"نظم معلومات". وتشك منال في وجود رقابة بالقول:"لو توافرت الرقابة لما استمرت كل هذه التجاوزات في القبول والتسجيل عاماً بعد عام". من جهتها، رضخت ثرية لما اختارته لها الكلية بعد أن تخرجت من القسم العلمي بمعدل 85 في المئة. وتعرض قصتها بالقول:"لم تكن الأرض تسع فرحتي بعد حصولي على هذه النسبة، فاختبار الكيمياء كان من الصعوبة بحيث كان يحتاج إلى بروفيسور ليجيب على الأسئلة". وأخذت ثرية تعد الأيام التي تفصلها عن بدأ التسجيل في الكلية، وهي تقول:"سأصبح مدرسة أحياء". وعندما جاء يوم التسجيل تجهزت منذ الفجر لليوم المنتظر، وطوال الطريق بين المنزل والدمام، حيث الكلية، راحت تنظر عبر نافذة السيارة عادّة الكيلومترات المتبقية. وما أن وصلت حتى بدأت تعبئة بيانات التسجيل بحماسة واضعة في جميع الخانات خيار"الأحياء". بيد أن اسمها ظهر يوم إعلان النتائج في قسم الجغرافيا. وتقول:"عندما راجعت إدارة الكلية وأخبرتهم أنني لا أرغب في هذا القسم، قالوا ليّ إن نسبتي لا تؤهلني إلى دخول قسم الأحياء". اضطرت ثرية إلى قبول الأمر الواقع مرغمة وتشير إلى أنها عندما التقت زميلاتها من المدرسة، تفاجأت أن بعضهن تسجلن في قسمي الفيزياء والأحياء، على رغم أنها حائزة على معدل يفوق معدلهن.