مررت بإحدى المكتبات، وعند المدخل وجدتهم يعرضون كتباً في مكان بارز وظاهر للعيان. كان اللافت أن جميع هذه الكتب متخصصة في الأسهم، كيف تبيع؟ ومتى تشتري؟ ومتى تضارب؟ وعن مؤشر السوق وأنواع الاستثمارات الطويلة الأجل والقصيرة الأجل وصناديق الاستثمار والسماسرة المتخصصين في السوق... لست من تجار الأسهم، فحدودي في هذا المجال لا تتجاوز اكتتابات"أبو خمسين ريال"وعلى أول التداول أبيع، وهذه الشريحة التي أنتمي إليها تشكل السواد الأعظم من المتعاملين في الأسهم، ومنهم من يستطيع أن يساهم باسمه وأفراد أسرته، ومنهم من يبيع تلك الأسماء إلى أحد الموسرين فيقبل بالفتات لعدم استطاعته المساهمة. كم كنت أتمنى على وزارة التجارة أن تفرض على الشركات التي تطرح أسهمها وأن تجزئ تلك الأسهم، كأن يُجزأ السهم إلى عشرة أسهم عندها يتضاعف عدد الأسهم المطروحة، ويرخص ثمن تأسيسها وأنا لست خبيراً اقتصادياً ولكن في اعتقادي أن هذا هو الأفضل للمساهمين والمؤسسين. وهنا سأتطرق إلى شرق وجنوب مدينة الرياض، حيث الكثافة السكانية العالية، ومع ذلك فإن فروع البنوك قليلة وخدماتها أقل من المستوى. ولأنني أتعامل مع أحد تلك الفروع، وجدت لديه صالتين للأسهم لا تتجاوز مساحة الواحدة20 متراً مربعاً، إحداها لكبار العملاء المميزين، وفيها شاشة كبيرة، والصالة الثانية لبقية العملاء وأنا منهم ولا يتجاوز حجم شاشتها 60-50 سم، ولذا يتكدس المستثمرون جلوساً، ويتزاحمون وقوفاً أمامها بسبب امتلاء الكراسي القليلة المتوافرة. وعلى رغم أني ألبس نظارات طبية، إلا أنني لا أستطيع متابعة هذه الشاشة الصغيرة في وسط هذا الزحام. المهم، خرجت من الزحام لكي أستنشق الهواء، وذهبت إلى مدير الفرع وبادرته بالتحية ورد علي بعجالة تنم عن أنه مشغول، فقلت له لماذا لا تضعون شاشة كبيرة وسط هذه الصالة حتى يستطيع المتعامل متابعتها، فرد علي بعبارة غريبة"هذا الموجود"، لم أملك إلا أن أشكره وأقفلت باب النقاش وعدت إلى بيتي بخفي حنين، لم أستطع أن أبيع أسهمي من شدة الزحام ولا يوجد إلا موظف واحد فقط لينفذ أوامر البيع. سألت نفسي: لماذا هذا التهاون من البنوك في توفير العدد الكافي من الموظفين وفي الاهتمام بالمساهمين وتوفير صالات وشاشات بحيث لا يكون هذا الزحام عندها؟ نصحني أحد الأصدقاء أن أذهب إلى الفروع الموجودة في بعض الأحياء داخل الرياض، وذهبت إلى فرع البنك الذي أتعامل معه في حي الملز، وهناك وجدت أربع صالات للأسهم، ولم أجد الزحام، بل جلست على الكنب الوثير وخلال دقائق حضر أحد الفراشين وهو يحمل الشاي والنعناع ولم أصدق نفسي أنني سأشرب احد هذه الأكواب الملأى بالشاي والنعناع، وقدم لي احدها وهو يبتسم وأخذته بعدما شكرته وأخذت أتابع شاشة الأسهم وأنا مسترخ، وعندما رأيت أن سعر سهمي بدأ بالنزول خشيت من الأسوأ وذهبت إلى أحد الموظفين الثلاثة وبعت أسهمي التي لا يتجاوز عددها 30 سهماً، وعدت إلى البيت وأنا أمنّي نفسي بمساهمة جديدة أخرى حتى أعود إلى الفرع نفسه. الرياض - حمدان العنزي