الفرضية الشائعة في الحرب ضد الإرهاب بأن المدارس الدينية التي تستوعب أبناء الأسر الفقيرة مسؤولة عن تخريج طلاب يمارسون الإرهاب فيما بعد ثبت عدم صحتها. تقرير لبيتر بيرغن في نيويورك تايمز يتحدث عما سماه"أسطورة تخريج المدارس الدينية لإرهابيين"ويقول ان المدارس الدينية قد تخرّج اصوليين ممن يحفظون القرآن عن ظهر قلب، لكنها لا تلقنهم المهارات الفنية واللغوية اللازمة ليصبح المرء ارهابياً فعالاً، وان الولاياتالمتحدة لا يجب أن تشعر بالقلق تجاه الأصوليين المسلمين الذين قد لا تتفق معهم، بل عليها ان تنشغل بالإرهابيين الذين قد يهاجمونها في أي لحظة. التقرير نشر الأسبوع الماضي، وفيه يورد بيرغن موجزاً عن دراسة لخلفيات 75 ارهابياً نفذوا أهم الهجمات التي وقعت أخيراً ضد غربيين، كالهجوم على سفارتي أميركا في تنزانيا وكينيا وحادثة هجوم 1993 على مركز التجارة العالمي، وخطف طائرات 11 أيلول سبتمبر وتبين منها أن غالبية المشاركين فيها هم من خريجي الجامعات، وغالباً من ذوي التخصصات الفنية مثل الهندسة. التقرير محاولة إثبات متأخرة بأن التعليم الديني ليس تحريضياً بالشكل الذي يعتقده الغرب، والمدارس والمعاهد الإسلامية التي كانت محور هجوم ضار من الإعلام الغربي لم تكن أكاديميات الإرهاب الموجهة ضد الغرب، وهكذا يبدو أن الولاياتالمتحدة وحلفاءها وحتى الماكينة الإعلامية الجبارة تسدد سهامها للعدو الخطأ. بقي أن نعرف أن هذا التقرير المقتضب في صحيفة أميركية واحدة لا يمثل بتاتاً صك براءة للتعليم الديني في الدول الإسلامية، والإعلام الذي يبحث دائماً عن هدف لمهاجمته لن يتوقف كثيراً عند هذه الإحصاءات، ما يعني أن الحملة ضد تلك المعاهد والمدارس المتخصصة لن تتوقف، ويعني أكثر أن جهداً كبيراً من الهيئات والمنظمات الإسلامية ما زال مطلوباً لإعلان موقفها بصراحة ووضوح. لا بد من أن يقف مسؤولو رابطة العالم الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي وهيئة الإغاثة الإسلامية في منابر في الولاياتالمتحدة الأميركية وأوروبا ليقولوا كلمتهم ويفتحوا صدورهم لكل نقد واتهام، والحل لن يتم إلا بالمواجهة ودحض الاتهامات بالحجة والدليل، وليس بالبيانات الصحافية والنفي والإنكار، والمواجهة التي موقعها الإعلام اليوم بطلها الأول فريق"العلاقات العامة". [email protected]