اختيار اللاعبين الأجانب للاحتراف في الأندية السعودية مسألة شائكة وقضية مهمة، لم تسلم الأندية من أضرارها وتراكماتها المالية، نظراً إلى عدم كفاءة الكثير من اللاعبين الأجانب الذين جاؤوا للاحتراف ودعم الفرق السعودية، وفشلوا في تحقيق الهدف الذي تم من أجله التعاقد معهم، ليرحلوا سريعاً إلى بلدانهم ويتركوا ذكريات غير جيدة، كلفت هذه الأندية مبالغ مادية هائلة، وأدخلتها في نفق الديون المالية المتراكمة التي عطلت جهود المسؤولين وعرقلت برامجهم المختلفة. ويعتبر نادي الشباب السعودي من اقل الأندية تضرّراً من مشكلات المحترفين الأجانب في فترة الاحتراف الثانية في الملاعب السعودية، إذ قدم الشباب منذ بداية الفترة قبل حوالى 15 عاماً دروساً رائعة في كيفية التعاقد مع هؤلاء المحترفين في المراكز التي يحتاجها الفريق، وإعطائهم الفرصة والصبر عليهم حتى يكونوا دعامة قوية لخطوط الفريق، وأثبتت الإدارات الشبابية المتعاقبة على أرض الواقع أن الفكر والتخطيط وحسن اختيار المحترفين الأجانب كفيل بأن يسهم في تحقيق الغاية التي وجد من أجلها نظام احتراف اللاعب الأجنبي، لتطوير أداء الفرق وإفادة اللاعبين السعوديين في جميع المراكز، ووفق الشباب في التعاقد مع العديد من اللاعبين الأجانب المتميزين الذين تركوا بصمة جميلة على منظومة الأداء الشبابية، ومن ينسى أول ثنائي مبدع تعاقد معه النادي فور صدور النظام، وهما المهاجم النيجيري يحى جاكو والسنغالي منصور أياندو، وفي الموسمين الماضيين واصل النادي صفقاته المميزة والرابحة في التعاقد مع لاعبين أجانب على مستوى عالٍ من الكفاءة الفنية والمهارة الكروية، يتقدمهم الهداف السنغالي محمد مانغا والغاني غودين أترام والبرازيلي لاندومار والعراقي نشأت أكرم وغيرهم من اللاعبين البارزين. ويبرز اسم الهداف السنغالي محمد مانغا القادم للشباب من فريق سدوس كأحد أفضل اللاعبين المؤثرين، الذين أثروا الملاعب السعودية بلمحاتهم المهارية وفنياتهم التهديفية، واستطاع اللاعب أن يفرض نفسه هدافاً لامعاً ومهاجماً بارعاً أرعب المدافعين وحراس المرمى في الفرق المنافسة بتحركاته الخطيرة ولمساته الفنية المثيرة التي جعلته يقود الشباب في الموسم الكروي الفائت إلى تحقيق إنجاز غالٍ بحصد لقب أهم البطولات المحلية كأس دوري خادم الحرمين الشريفين، بتسجيله هدف الحسم في الشباك الاتحادية في النهائي الكبير الذي أقيم بين الفريقين في جدة، وتوج مانغا يومها بلقب هداف الدوري السعودي. وفي هذا الموسم واصل الهداف الأفريقي الكبير حضوره اللافت جداً وقاد فريقه الشباب لتحقيق العديد من الانتصارات الرائعة، وحصد المزيد من النقاط التي كانت كافية لتصدره فرق كأس دوري خادم الحرمين الشريفين حتى الآن، ونجح مانغا هو الآخر في اعتلاء صدارة الهدافين منذ الجولات الباكرة وحتى لقاء الاتفاق الأخير، الذي رفع خلاله رصيده التهديفي إلى 13 هدفاً متمسكاً بصدارة الهدافين، وما زال اللاعب يواصل حضوره المتميز في اللقاءات التي يلعبها فريقه سواءً محلياً في كأس دوري خادم الحرمين الشريفين أو خارجياً في بطولة الأندية الآسيوية. هذا ويمثل محمد مانغا أنموذجاً مضيئاً للاّعب المحترف الحقيقي، إذ يتمتع بقدرات بدنية عالية وإمكانات فنية هائلة وتسديدات قوية وتصويبات رأسية حيوية وديناميكية، ويعتبر حالياً من أفضل المحترفين في الملاعب السعودية إن لم يكن أفضلهم على الإطلاق، ويُحسب لإدارة الشباب حسن اختيارها للاّعب والتعاقد معه بمبلغ مادي معقول جداً، في وقت صرفت بعض الأندية الأخرى ملايين الدولارات على أشباح المحترفين الأجانب من دون أية دراية أو تخطيط أو رؤى فنية من شأنها أن تفيد فرقهم المختلفة.