كشف دراسة حديثة نفذتها شركة متخصصة، أن غالبية الوظائف المطروحة ل "السعودة" من شركات ومؤسسات القطاع الخاص، تقترب من مستوى خط الفقر الذي حددته ب 2500 ريال سعودي 666.7 دولار شهرياً. وعلى رغم عدم توافر أرقام رسمية أو تقديرات لخط الفقر السعودي، فإن الدراسة أكدت أن مبلغ 2500 ريال، وهو مستوى دخل الطبقة الفقيرة في السعودية، يكفي بالكاد لتغطية الحاجات الأساسية. وحددت الدراسة التي حصلت"الحياة"على نسخة منها، ثماني وظائف جار تعيين طالبي العمل فيها من وزارة العمل، وهي: رجال الأمن، واستقبال الفنادق، ومأمور صندوق، ومراسل، ومعقب، وسائق، ومأمور سنترال. وأظهرت الدراسة التي أجرتها الشركة المتخصصة لمصلحة إحدى الغرف التجارية الصناعية، أن هذه الوظائف يصنف شاغروها على أنهم ضمن"الطبقة الفقيرة"لتدني معدل أجرها الشهري البالغ ما بين 1500 و 2500 ريال. وهنا علق مصدر في الغرفة التجارية الصناعية التي أجريت الدراسة لمصلحتها، بأن نتائج الدراسة تحفظ عليها العديد من الشركات والمؤسسات في مقدمها المصارف، نظراً إلى"حساسية نتائجها"، حيث أكدت في توصياتها أن برامج"السعودة"المطبقة حالياً في القطاع الخاص وبدعم من الوزارة، حلول وقتية تفاقم المشكلة كونها ضمن"الطبقة الفقيرة". يذكر أن المدن والمناطق السعودية تشهد حالياً حملة توظيف تحت مسمى"مسار"تنظمها المؤسسة العامة للتدريب المهني وصندوق تنمية الموارد البشرية بالتعاون مع الغرف التجارية الصناعية، لاستقطاب الشبان في وظائف"السعودة"المصنفة من وزارة العمل في 36 قطاعاً. وبحسب تفاصيل ومنهج الدراسة، فإن المجتمع السعودي ينقسم إلى ثلاث طبقات، هي: الغنية، الوسطى، والفقيرة، وتحتل الوسطى الشريحة الأكبر منه وبدخل شهري يبلغ 3000 ريال 800 دولار، وهي طبقة تعتبر في شكل عام صمام الأمان للمجتمعات وأساس استقرارها. وأشارت الدراسة إلى نمو ظاهرة تآكل هذه الطبقة لمصلحة الطبقة الفقيرة، نتيجة ارتفاع معدلات السعودة في الوظائف متدنية الأجرة. وعليه فإن معدل تآكل الطبقة الوسطى سيرتفع لمصلحة الطبقة الفقيرة، محددة معدل دخل العائل للأسرة السعودية ليكون في بداية الطبقة الوسطى هو 3000 ريال شهرياً، والقدر الذي بالكاد يكفي لتغطية الحاجات الأساسية وليس فيه أي زيادة للكماليات. وطرحت الدارسة حلولاً لمشكلة البطالة في السعودية، من بينها: زيادة معدل النمو السنوي للوظائف المستحدثة في سوق العمل شريطة أن تكون ذات جدوى اقتصادية وضمن الطبقة الوسطى للمجتمع، إذ أن 60 إلى 80 في المئة من الوظائف في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، مؤكدة في الوقت ذاته أن 95 في المئة من المنشآت الصغيرة والمتوسطة لا تستمر لأكثر من عشرة أعوام في السوق السعودية. وسلطت الدراسة في جزء كبير على أهمية دور المنشآت المتوسطة والصغيرة في المرحلة المقبلة، معتبرة إياها أبرز وسائل دعم وتنشيط الاقتصاد الوطني، وأهم الأدوات للنمو المستقبلي للاقتصاد السعودي. وقالت الدراسة ان المنشآت الصغيرة والمتوسطة تشكل 98 في المئة من مجموع المنشآت، وهي أكبر منتج وخالق للوظائف وفرص العمل، إذ تستوعب من 60 إلى 80 في المئة من مجموع الوظائف في سوق العمل. وأكدت الدراسة أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تعد مصدراً للإبداع والأفكار الجديدة التي ينتج عنها نجوم وعمالقة المستقبل، إذ تعمل على زيادة القدرة التنافسية على المستوى المحلي والوطني، ومن ثم الدولي ما يحفز الإبداع والابتكار لتقليص الكلفة، وتطوير حلقة الإمداد للأعمال، ما يرفع من معدلات الإنتاجية والفاعلية، ويتيح الفرص لجميع شرائح المجتمع والمناطق، وكذلك للمرأة ليكون لهم دور فاعل ومؤثر على مجتمعهم وكذلك اقتصاد الوطن، إضافة إلى تنمية جميع المناطق ما يعني إيقاف الهجرة إلى المدن، وزيادة مدى مرونة الاقتصاد المحلي والوطني. واعتبرت الدراسة تدني مخرجات التعليم وعدم مواءمته لمتطلبات سوق العمل، وإغفال التربية وغرس السلوكيات وتنمية الإبداع من ابرز المعوقات التي تعيق تواجه الاقتصاد السعودي في التوجه إلى المنشآت الصغيرة والمتوسطة. هذا بجانب انعدام القوانين والأنظمة المحفزة والحامية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، والنظام المصرفي ونظام الضمانات للقروض البنكية الاستثمارية، وعدم وجود ضمانات حكومية للقروض الاستثمارية للمنشآت الصغيرة، وصناديق التمويل الحكومية والأهلية للمنشآت الصغيرة لا تذكر، وتجميد"عقر"الأموال باستثمارها في العقار، وانعدام رؤوس الأموال المضاربة، ونقص الشعور لدى بعض التجار بمسؤوليتهم تجاه تنمية مجتمعهم. وأوضحت الدراسة أن 40 في المئة من المنشآت الصغيرة تفشل بعد أول عام من بدايتها، فيما يفشل 80 في المئة منها في الأعوام الخمسة الأولى، اي بمعدل منشأة واحدة من كل خمس منشآت جديدة تستمر بعد أول خمسة أعوام. وأكدت أن أربعة في المئة فقط من المنشآت الصغيرة تستمر لأكثر من عشرة أعوام، معلله ذلك بانعدام وجود آلية تهيئ الدعم والمناخ المناسبين لتضمن النجاح للمنشآت الصغيرة المبتدئة بمعدل لا يقل عن 70 في المئة. وعن المشاريع والمجالات الخاصة بعمل المنشآت الصغيرة حددتها الدراسة بشبكة المطاعم والمقاهي، وخدمات الحجاج والمعتمرين ومشاريع صناعية وتقنية المعلومات وبرمجيات الحاسب والانترنت، وخدمات سياحية وترفيهية ورياضية، ومشاريع تثقيفية لشغل أوقات الشبان والباعة المتجولين والتصدير والاستيراد. وحددت العناصر المؤسسة لقيام واستمرارية المنشآت المتوسطة والصغيرة بثلاثة عناصر وهي الوصول لرأس المال، والخدمات المساندة وبيئة الأعمال التجارية، وذلك عن طريق تسهيل الوصول إلى المعلومات والمساعدة في التسويق والإدارة والتخطيط الاستراتيجي، واستخدام التقنية وربطها بمنشآت كبيرة لضمان طلب أكبر على منتجاتها، وإزالة العوائق القانونية والإجرائية الصعبة للمنشآت الصغيرة، وتمويل القروض بشروط ميسرة، لتغطية رأس المال والتمدد وحاجات التجارة الدولية. وترى الدراسة أن الحل الأمثل لمشكلات هذه المؤسسات، هو وجود حاضنة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، تحتضنها حتى تصل إلى مرحلة النضج والاستقلالية التامة، من خلال رعاية المغامرين الشبان وتنمية مشاريعهم الطموحة في مجالات لم تطرق سابقاً، إضافة إلى مساندة وإعداد الشباب على أساليب وأدوات إدارة الأعمال التجارية بأسلوب تجاري محض يراعي الربح والخسارة لضمان الاستمرارية. وعن الدور الذي تلعبه حاضنه المشاريع الصغيرة والمتوسطة، أشارت الدراسة إلى أن دورها يتلخص في تذليل جميع العقبات التي تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بإعداد الأعمدة الثلاثة الأساسية وهي، تسهيل الوصول إلى رأس المال، وتقديم الخدمات التجارية المساندة، وتهيئة البيئة التجارية. وحددت الدراسة الاحتياجات النقدية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة ما بين 50 ألف ريال إلى مليون ريال، وهو أكبر من الموارد الشخصية للفرد، وأصغر من المستهدف للبنوك التجارية، من خلال القروض البنكية قصيرة الأجل وطويلة الأجل، والمستثمرين ورأسمال المضارب، والمضاربة الإسلامية والمرابحة الشرعية وصندوق المئوية وصندوق التسليف السعودي. مبادئ إنشاء حاضنة الأعمال حددت الدراسة المبادئ الأساسية التي تقوم عليها حاضنة الأعمال من خلال تكوين شركة تجارية قائمة على أساس الربح والخسارة، لها معدل عائد على استثمار رأس المال لا يقل عن عشرة في المئة سنوياً، أما الفائض وعوائد التبرعات تدور لزيادة رأس المال المستثمر، وتكون آلية الخروج من المنشآت التي أكملت حضانتها بالأسلوب الذي يعود بأكبر الفائدة على كلا الطرفين، ومن المفترض أن يكون صندوق تنمية الموارد البشرية أكبر ممول للحاضنات، وأن تدار من أفراد من القطاع التجاري، ذوي خبرة تجارية، ويكون لها مجلس إدارة يرشح من المؤسسين المساهمين في رأس المال، على أن تكون بعيدة من البيروقراطية. على أن تمر تلك المنشآت بثلاث مراحل الأولى هي مرحلة التجربة والتأكيد من الجدوى، ويجب أن يتوافر في تلك المرحلة رأسمال مقدر ما بين 30 إلى 45 مليون ريال، وأن لا تتجاوز مدة المرحلة عامين، ويتم تمويلها من مستثمرين ومتبرعين. أما المرحلة الثانية فتكون في تأكيد النجاح، إذ يتراوح فيها رأس المال من 50 إلى 150 مليون ريال، وتبلغ المرحلة الزمنية لتلك الفترة ثلاثة أعوام، ويتم تمويلها من المستثمرين والمتبرعين، إضافة إلى تمويل عن طريق صندوق تنمية الموارد البشرية والبنوك، فيما تتلخص المرحلة الثالثة والأخيرة في التمدد والاتساع وتكرار التجربة برأسمال لا يقل عن 250 مليون ريال، يمول من الجهات سابقة الذكر، بجانب صندوق معاشات التقاعد والتأمينات الاجتماعية، إضافة إلى قروض بنكية، مع انشاء حاضنات جديدة في كل منطقة ومحافظة وإيجاد حاضنات تخصصية في"الصناعة والخدمات والتجارة".